الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{أَوَلَمۡ يَرَوۡاْ أَنَّا نَأۡتِي ٱلۡأَرۡضَ نَنقُصُهَا مِنۡ أَطۡرَافِهَاۚ وَٱللَّهُ يَحۡكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكۡمِهِۦۚ وَهُوَ سَرِيعُ ٱلۡحِسَابِ} (41)

قوله : { أولم يروا{[36604]} أنا ناتي الأرض }{[36605]} إلى قوله { عقبى الدار }[ 41-42 ] معناه عند ابن عباس : أولم ير{[36606]} أهل مكة الذين سألوا محمدا الآيات أنا نفتح على محمد الأرض ( بعد الأرض ){[36607]} من حولهم ، ولا يخافون أن يفتح عليه أرضهم كما فتحنا له غيرها . ودل على ذلك قوله في الأنبياء : { ننقصها من أطرافها }[ 41 ]{[36608]} : بل ، محمد وأصحابه الغالبون{[36609]} .

وأكثر المفسرين على أنه يراد به{[36610]} : ذهاب خيار الناس ، وعلمائهم ، وصالحيهم{[36611]} .

وقال الضحاك ، والحسن{[36612]} : هو ظهور المسلمين على المشركين{[36613]} .

وقيل : هو هلاك الأمم قبلهم ، وخراب أرضهم . فيقول : ألم تر قريش

هلاك{[36614]} الأمم قبلهم ، وخراب أرضهم بعدهم ؟ أفلا يخافون أن يَخُلَّ بأرضهم ما حل بمن قبلهم ، قاله مجاهد ، وابن جريج{[36615]} .

وروي{[36616]} عن ابن عباس ، ( رحمه{[36617]} الله ) نحوه{[36618]} .

وروي عن ابن عباس أنه قال : هو نقص بركات{[36619]} الأرض وثمارها ، وأرضها{[36620]} بالموت{[36621]} . وجماعة من العلماء على أن المعنى في النقص{[36622]} : موت أهل الأرض ، وهو قول عكرمة{[36623]} .

وروي عن مجاهد ، وقال ابن عمر : نقص الأرض هي{[36624]} موت فقهائها ، وخيار أهلها{[36625]} . ثم قال ( تعالى ) : { والله يحكم لا معقب لحكمه }[ 41 ] أي : يحكم ويقضي ، فينفذ حكمه ، وقضاءه ، لا رادَّ{[36626]} لحكمه ، ولا مانع لقضائه . فإذا أراد بهؤلاء المشركين ( شرا ){[36627]} لم يرد أحد{[36628]} .

والأطراف جمع طرف ، والطرف : الكريم من كل شيء{[36629]} .

قال علي بن أبي طالب ، رضي الله عنه : العلم أودية ، في أي واد أخذت منه حَسِرْت{[36630]} ، فخذ من كل شيء طرفا : أي : خيارا{[36631]} . ومنه قولهم : ما يدري : أي طرفيه أطول{[36632]} ، أي : ما يدري الكرم يأتيه من ناحية أبيه ، أو من ناحية أمه . فصار عنى { ننقصها من أطرافها }[ 41 ] : أي : من علمائها ، لأن العلماء هم الخيار{[36633]} . ومعنى { و{[36634]}هو سريع الحساب }[ 41 ] أ ] : يحصي أعمال هؤلاء المشركين ، لا يخفى عليه شيء منها{[36635]} .


[36604]:ط: لو لم.
[36605]:ط: ننقصها من أطرافها.
[36606]:ق: يروا.
[36607]:ما بين القوسين ساقط من ق.
[36608]:الأنبياء: 44.
[36609]:انظر هذا التوجيه بتمامه في: جامع البيان 16/494.
[36610]:ق: بهم.
[36611]:هذا القول أصله أثر نبوي، رواه الحاكم في المستدرك 2/350، عن ابن عباس وقال: هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه، وانظر: معناه في: معاني الفراء 2/66، وغريب القرآن 229، وجامع البيان 16/497، وإعراب النحاس 2/360، وعزاه في الجامع 9/218 – 219 إلى ابن عباس، ومجاهد، وعطاء.
[36612]:ط: الحسن الضحاك.
[36613]:انظر هذين القولين في: جامع البيان 16/494، وعزاه أيضا في الجامع 9/218 إلى مجاهد، وقتادة.
[36614]:ط: مطموس.
[36615]:انظر: هذين القولين في جامع البيان 16/495، والجامع 9/219.
[36616]:ق: روى.
[36617]:ساقط من ط.
[36618]:انظر المصدرين السابقين.
[36619]:ق: بركة.
[36620]:ق: وثمارها وأهلها.
[36621]:انظر: هذا القول غير منسوب في: جامع البيان 16/495، وعلق عليه القرطبي في الجامع 9/219، قائلا: (وهذا صحيح المعنى، فإن الجور، والظلم يخرب البلاد، بقتل أهلها وأنجلائهم عنها، وترفع من الأرض البركة، والله أعلم.
[36622]:ق: النعص.
[36623]:وهو أيضا قول مجاهد في جامع البيان 16/496-497.
[36624]:ط: هي.
[36625]:انظر: هذا القول معزوا إلى ابن عباس في الجامع 16/497.
[36626]:ق: زائد.
[36627]:ساقط من ق.
[36628]:انظر هذا التوجيه في: معاني الفراء 2/66، وجامع البيان 16/498.
[36629]:انظر: اللسان: طرف.
[36630]:ق: خيرة.
[36631]:انظر هذا القول في: المحرر 9/53.
[36632]:ط: أي أطول.
[36633]:وهو قول ابن عباس في: جامع البيان 16/497، ولم ينسبه في معاني الزجاج 3/151.
[36634]:ساقط من ق.
[36635]:انظر هذا التوجيه بتمامه في: جامع البيان 16/498.