المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{۞لِّلَّذِينَ أَحۡسَنُواْ ٱلۡحُسۡنَىٰ وَزِيَادَةٞۖ وَلَا يَرۡهَقُ وُجُوهَهُمۡ قَتَرٞ وَلَا ذِلَّةٌۚ أُوْلَـٰٓئِكَ أَصۡحَٰبُ ٱلۡجَنَّةِۖ هُمۡ فِيهَا خَٰلِدُونَ} (26)

26- للذين أحسنوا بالاستجابة لدعوة الله ، فآمنوا وعملوا الخير لدينهم ودنياهم ، لهم المنزلة الحسنى في الآخرة وهي الجنة ، ولهم زيادة على ذلك فضلا من الله وتكريماً ، ولا يغشى وجوههم كآبة من همّ وهوان ، وهؤلاء هم أهل الجنة الذين ينعمون فيها أبداً .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{۞لِّلَّذِينَ أَحۡسَنُواْ ٱلۡحُسۡنَىٰ وَزِيَادَةٞۖ وَلَا يَرۡهَقُ وُجُوهَهُمۡ قَتَرٞ وَلَا ذِلَّةٌۚ أُوْلَـٰٓئِكَ أَصۡحَٰبُ ٱلۡجَنَّةِۖ هُمۡ فِيهَا خَٰلِدُونَ} (26)

{ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ ْ } أي : للذين أحسنوا في عبادة الخالق ، بأن عبدوه على وجه المراقبة والنصيحة في عبوديته ، وقاموا بما قدروا عليه منها ، وأحسنوا إلى عباد الله بما يقدرون عليه من الإحسان القولي والفعلي ، من بذل الإحسان المالي ، والإحسان البدني ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وتعليم الجاهلين ، ونصيحة المعرضين ، وغير ذلك من وجوه البر والإحسان .

فهؤلاء الذين أحسنوا ، لهم " الحسنى " وهي الجنة الكاملة في حسنها و " زيادة " وهي النظر إلى وجه الله الكريم ، وسماع كلامه ، والفوز برضاه والبهجة بقربه ، فبهذا حصل لهم أعلى ما يتمناه المتمنون ، ويسأله السائلون .

ثم ذكر اندفاع المحذور عنهم فقال : { وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ ْ } أي : لا ينالهم مكروه ، بوجه من الوجوه ، لأن المكروه ، إذا وقع بالإنسان ، تبين ذلك في وجهه ، وتغير وتكدر .

وأما هؤلاء - فهم كما{[396]}  قال الله عنهم - { تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيم ْ } { أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ ْ } الملازمون لها { هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ْ } لا يحولون ولا يزولون ، ولا يتغيرون .


[396]:- في ب: فكما.
 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{۞لِّلَّذِينَ أَحۡسَنُواْ ٱلۡحُسۡنَىٰ وَزِيَادَةٞۖ وَلَا يَرۡهَقُ وُجُوهَهُمۡ قَتَرٞ وَلَا ذِلَّةٌۚ أُوْلَـٰٓئِكَ أَصۡحَٰبُ ٱلۡجَنَّةِۖ هُمۡ فِيهَا خَٰلِدُونَ} (26)

يخبر تعالى أن لمن أحسن العمل في الدنيا بالإيمان والعمل الصالح أبدله{[14189]} الحسنى في الدار الآخرة ، كما قال تعالى : { هَلْ جَزَاءُ الإحْسَانِ إِلا الإحْسَانُ } [ الرحمن : 60 ] .

وقوله : { وَزِيَادَة } هي{[14190]} تضعيف ثواب الأعمال بالحسنة عشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف ، وزيادة على ذلك [ أيضا ]{[14191]} ويشمل ما يعطيهم الله في الجنان من القُصُور والحُور والرضا عنهم ، وما أخفاه لهم من قرة أعين ، وأفضل من ذلك وأعلاه النظرُ إلى وجهه{[14192]} الكريم ، فإنه زيادة أعظم من جميع ما أعطوه ، لا يستحقونها بعملهم ، بل بفضله ورحمته{[14193]} وقد روي تفسير الزيادة بالنظر إلى وجه الله{[14194]} الكريم ، عن أبي بكر الصديق ، وحذيفة بن اليمان ، وعبد الله بن عباس [ قال البغوي وأبو موسى وعبادة بن الصامت ]{[14195]} وسعيد بن المسيب ، وعبد الرحمن بن أبي ليلى ، وعبد الرحمن بن سابط ، ومجاهد ، وعكرمة ، وعامر بن سعد ، وعطاء ، والضحاك ، والحسن ، وقتادة ، والسدي ، ومحمد بن إسحاق ، وغيرهم من السلف والخلف .

وقد وردت في ذلك أحاديثُ كثيرة ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فمن ذلك ما رواه الإمام أحمد :

حدثنا عفان ، أخبرنا حماد بن سلمة ، عن ثابت البُناني ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن صهيب ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تلا هذه الآية : { لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ } وقال : " إذا دخل أهل الجنة الجنة ، وأهل النار النار ، نادى مناد : يا أهل الجنة ، إن لكم عند الله موعدًا يريد أن يُنْجِزَكُمُوه . فيقولون : وما هو ؟ ألم يُثقِّل موازيننا ، ويبيض وجوهنا ، ويدخلنا الجنة ، ويزحزحنا من النار ؟ " . قال : " فيكشف{[14196]} لهم الحجاب ، فينظرون إليه ، فوالله ما أعطاهم الله شيئا أحب إليهم من النظر إليه ، ولا أقر لأعينهم " .

وهكذا رواه مسلم وجماعة من الأئمة ، من حديث حماد بن سلمة ، به . {[14197]}

وقال ابن جرير : أخبرنا يونس ، أخبرنا ابن وهب : أخبرنا شبيب ، عن أبان{[14198]} عن أبي تَمِيمَة الهُجَيْمي ؛ أنه سمع أبا موسى الأشعري يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله يبعث يوم القيامة مناديا ينادي : يا أهل الجنة - بصَوْت يُسْمعُ أوَّلهم وآخرهم - : إن الله وعدكم الحسنى وزيادة ، الحسنى : الجنة . وزيادة : النظر إلى وجه الرحمن عز وجل " . {[14199]}ورواه أيضا ابنُ أبي حاتم ، من حديث أبي بكر الهُذلي{[14200]} عن أبي تميمة الهجيمي ، به .

وقال ابن جرير أيضًا : حدثنا ابن حميد ، حدثنا إبراهيم بن المختار{[14201]} عن ابن جُرَيْج ، عن عطاء ، عن كعب بن عُجْرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله : { لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ } قال : النظر إلى وجه الرحمن عز وجل . {[14202]} وقال أيضا : حدثنا ابن عبد الرحيم{[14203]} حدثنا عمرو بن أبي سلمة ، سمعت زهيرًا عمن سمع أبا العالية ، حدثنا أبيّ بن كعب : أنه سأل رسولَ الله صلى الله عليه وسلم عن قول الله عز وجل : { لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ } قال : " الحسنى : الجنة ، والزيادة : النظر إلى وجه الله عز وجل " . {[14204]} ورواه ابن أبي حاتم أيضا من حديث زهير ، به .

وقوله تعالى : { وَلا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ } أي : قتام وسواد في عَرَصات المحشر ، كما يعتري وجوه الكفرة الفجرة من القُتْرة والغُبْرة ، { وَلا ذِلَّةٌ } أي : هوان وصغار ، أي : لا يحصل لهم إهانة في الباطن ، ولا في الظاهر ، بل هم كما قال تعالى في حقهم : { فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا } أي : نضرة في وجوههم ، وسرورًا في قلوبهم ، جعلنا الله منهم بفضله ورحمته ، آمين .


[14189]:- في ت ، أ : "أن لهم".
[14190]:- في ت ، أ : "تشمل هي".
[14191]:- زيادة من ت ، أ.
[14192]:- في ت : "وجه".
[14193]:- في ت : "ورحمته".
[14194]:- في ت : "وجهه".
[14195]:- زيادة من ت ، أ.
[14196]:- في ت : "فكشف".
[14197]:- صحيح مسلم برقم (181) ورواه الترمذي في السنن برقم (2552) والنسائي في السنن الكبرى برقم (11234) وابن ماجه في السنن برقم (187).
[14198]:- في ت ، أ : "وأبان".
[14199]:- تفسير الطبري (15/65) وابن وهب روى عن شبيب مناكير وأبان بن أبي عياش ضعيف.
[14200]:- في ت : "الهذل".
[14201]:- في ت : "المختار به".
[14202]:- تفسير الطبري (15/68) ورواه أبو نعيم في الحلية (5/204) من طريق محمد بن حميد به ، وقال : "غريب من حديث عطاء وابن جريج تفرد به إبراهيم بن المختار". وإبراهيم بن المختار ضعيف.
[14203]:- في أ : "عبد الرحمن".
[14204]:- تفسير الطبري (15/69) ورواه اللالكائي في السنة برقم (780) من طرق الوليد بن مسلم عن زهير بن محمد عمن سمع أبا العالية يحدث عن أبي بن كعب فذكره مرفوعا.