المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{قَالُواْ ٱدۡعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا هِيَۚ قَالَ إِنَّهُۥ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٞ لَّا فَارِضٞ وَلَا بِكۡرٌ عَوَانُۢ بَيۡنَ ذَٰلِكَۖ فَٱفۡعَلُواْ مَا تُؤۡمَرُونَ} (68)

68- هنا قالوا لموسى - مترددين في أمر البقرة : اطلب لنا من ربك أن يبين لنا صفة تلك البقرة ، فقال لهم : إن الله أخبرني بأنها ليست كبيرة وليست صغيرة ، بل هي وسط بين الكبر والصغر ، فنفذوا ما أمركم الله به .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{قَالُواْ ٱدۡعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا هِيَۚ قَالَ إِنَّهُۥ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٞ لَّا فَارِضٞ وَلَا بِكۡرٌ عَوَانُۢ بَيۡنَ ذَٰلِكَۖ فَٱفۡعَلُواْ مَا تُؤۡمَرُونَ} (68)

فلما قال لهم موسى ذلك ، علموا أن ذلك صدق فقالوا : { ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ }

أي : ما سنها ؟ { قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا فَارِضٌ } أي : كبيرة { وَلَا بِكْرٌ } أي : صغيرة { عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ فَافْعَلُوا مَا تُؤْمَرُونَ } واتركوا التشديد والتعنت .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{قَالُواْ ٱدۡعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا هِيَۚ قَالَ إِنَّهُۥ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٞ لَّا فَارِضٞ وَلَا بِكۡرٌ عَوَانُۢ بَيۡنَ ذَٰلِكَۖ فَٱفۡعَلُواْ مَا تُؤۡمَرُونَ} (68)

40

ولكن طبيعة التلكؤ والالتواء تدركهم ، فإذا هم يسألون : ( قالوا : ادع لنا ربك يبين لنا ما هي ؟ ) . . والسؤال بهذه الصيغة يشي بأنهم ما يزالون في شكهم أن يكون موسى هازئا فيما أنهى إليهم ! فهم أولا : يقولون : ( ادع لنا ربك ) . . فكانما هو ربه وحده لا ربهم كذلك ! وكأن المسألة لا تعنيهم هم إنما تعني موسى وربه ! وهم ثانيا : يطلبون منه أن يدعو ربه ليبين لهم : ( ما هي ؟ ) والسؤال عن الماهية في هذا المقام - وإن كان المقصود الصفة - إنكار واستهزاء . . ما هي ؟ إنها بقرة . وقد قال لهم هذا من أول الأمر بلا تحديد لصفة ولا سمة . بقرة وكفى !

هنا كذلك يردهم موسى إلى الجادة ، بأن يسلك في الإجابة طريقا غير طريق السؤال . إنه لا يجبههم بانحرافهم في صيغة السؤال كي لا يدخل معهم في جدل شكلي . . إنما يجيبهم كما ينبغي أن يجيب المعلم المربي من يبتليه الله بهم من السفهاء المنحرفين . يجيبهم عن صفة البقرة :

قال : إنها بقرة لا فارض ولا بكر ، عوان بين ذلك . .

إنها بقرة لا هي عجوز ولا هي شابة ، وسط بين هذا وذاك . ثم يعقب على هذا البيان المجمل بنصيحة آمرة حازمة :

( فافعلوا ما تؤمرون ) . .

ولقد كان في هذا كفاية لمن يريد الكفاية ؛ وكان حسبهم وقد ردهم نبيهم إلى الجادة مرتين ، ولمح لهم بالأدب الواجب في السؤال وفي التلقي . أن يعمدوا إلى أية بقرة من أبقارهم ، لا عجوز ولا صغيرة ، متوسطة السن ، فيخلصوا بها ذمتهم ، وينفذوا بذبحها أمر ربهم ، ويعفوا أنفسهم من مشقة التعقيد والتضييق . . ولكن إسرائيل هي إسرائيل !

/خ73

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{قَالُواْ ٱدۡعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا هِيَۚ قَالَ إِنَّهُۥ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٞ لَّا فَارِضٞ وَلَا بِكۡرٌ عَوَانُۢ بَيۡنَ ذَٰلِكَۖ فَٱفۡعَلُواْ مَا تُؤۡمَرُونَ} (68)

قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا فَارِضٌ وَلَا بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ فَافْعَلُوا مَا تُؤْمَرُونَ ( 68 )

هذا تعنت منهم وقلة طواعية ، ولو امتثلوا الأمر فاستعرضوا( {[764]} ) بقرة فذبحوها لقضوا ما أمروا به ، ولكن شددوا فشدد الله عليهم ، قاله ابن عباس وأبو العالية وغيرهما . ولغة بني عامر «ادعِ »( {[765]} ) بكسر العين ، و { ما } استفهام رفع بالابتداء ، وهي خبره ، ورفع { فارض } على النعت للبقرة على مذهب الأخفش ، أو على خبر ابتداء مضمر تقديره لا هي فارض ، والفارض المسنة الهرمة التي لا تلد ، قاله ابن عباس وقتادة ومجاهد وغيرهم ، تقول فرضت( {[766]} ) تفرض بفتح العين في الماضي ، فروضاً ، ويقال فرضت بضم العين ، ويقال لكل ما قدم وطال أمده فارض ، وقال الشاعر( {[767]} ) [ العجاج ] : [ الرجز ]

يا رب ذي ضغن عليَّ فارض . . . له قروء كقروء الحائض

والبكر من البقر التي لم تلد من الصغر ، وحكى ابن قتيبة أنها التي ولدت ولداً واحداً ، والبكر من النساء التي لم يمسها الرجل ، والبكر من الأولاد الأول ، ومن الحاجيات الأولى ، والعوان التي قد ولدت مرة بعد مرة ، قاله مجاهد ، وحكاه أهل اللغة ، ومنه قول العرب : العوان لا تعلم الخمرة( {[768]} ) . وحرب عوان : قد قوتل فيها مرتين فما زاد( {[769]} ) ، ورفعت { عوان } على خبر ابتداء مضمر ، تقديره هي عوان ، وجمعها عون بسكون الواو ، وسمع عون بتحريكها بالضم( {[770]} ) .

و { بين }( {[771]} ) ، بابها أن تضاف إلى اثنتين ، وأضيفت هنا إلى { ذلك } ، إذ ذلك يشار به إلى المجملات ، فذلك عند سيبويه نازل منزلة ما ذكرت( {[772]} ) ، فهي إشارة إلى مفرد( {[773]} ) على بابه ، وقد ذكر اثنان فجاءت أيضاً { بين } على بابها .

وقوله : { فافعلوا ما تؤمرون } تجديد للأمر وتأكيد وتنبيه على ترك التعنت ، فما تركوه .


[764]:- أي من دون بحث، ومن دون سؤال.
[765]:- تقدم الكلام على ذلك عند قوله تعالى (فادع لنا ربك) الآية.
[766]:- يقال: فرضت البقرة إذا أسنت، والماضي بفتح العين وضمها، والمضارع بكسرها وضمها.
[767]:- أي الراجز وهو العجاج، والبيت أنشده "الجاحظ" في "الحيوان"، و"ابن منظور"في "اللسان" عن الأعرابي- وقوله: له قروء، أي أوقات تهيج فيها عداوته، ويقال: رجع لقرئه أي لوقته، وقوله: فارض أي قديم.
[768]:- العوان المرأة التي تزوجت مرة بعد مرة فهي تعرف كيف تختمر، وهو مثل يضرب للمجرب العارف.
[769]:- كأنهم جعلوا الأول بكرا، والحرب العوان هي أشد الحروب، لأن القتال يتكرر فيها ويشتد ويتصاعد.
[770]:- التحريك أصل، والسكون تخفيف، وحكى أبو الحسن الأخفش عن عيسى بن عمر: أن كل اسم على ثلاثة أحرف أوله مضموم ففيه لغتان: التخفيف، والتثقيل نحو: العُسر واليُسر والهُزء، ومما يقوي هذه الحكاية أن ما كان من المجموع على فُعُل نحو كُتُب ورُسُل ففيه الوجهان حتى جاء ذلك في المعتل العين الواوي نحو عون.
[771]:- (بين) ظرف مبهم لا يتبين معناه إلا بإضافته إلى اثنين فصاعدا، أو ما يقوم مقام ذلك كقوله تعالى: "عون بين ذلك".
[772]:- وفي بعض النسخ ما ذكر.
[773]:- أي: في اللفظ والصورة، وأما في المعنى فهو عبارة عن المذكور، والمذكور اثنان فكلمة (بين) لم تخرج من بابها وهو الإضافة إلى اثنين فأكثر، و(ذلك) قائم مقام الاثنين هنا.