وينتقل إلى مشهد ثالث . مشهد لوط وقد جاء إليه الملائكة في هيئة فتية صباح ملاح ؛ وهو يعلم شنشنة قومه ، وما ينتظر ضيوفه هؤلاء منهم من سوء لا يملك له دفعا . فضاق صدره وساءه حضورهم إليه ، في هذا الظرف العصيب :
( ولما أن جاءت رسلنا لوطا سيء بهم وضاق بهم ذرعا ) . .
ويختصر هنا هجوم القوم على الضيوف ، ومحاورة لوط لهم ، وهم في سعار الشذوذ المريض . . ويمضي إلى النهاية الأخيرة . إذ يكشف له الرسل عن حقيقتهم ، ويخبرونه بمهمتهم ، وهو في هذا الكرب وذلك الضيق :
( وقالوا : لا تخف ولا تحزن . إنا منجوك وأهلك إلا امرأتك كانت من الغابرين .
{ ولما أن جاءت رسلنا لوطا سيء بهم } جاءته المساءة والغم بسببهم مخافة أن يقصدهم قومه بسوء ، و { أن } صلة لتأكيد الفعلين واتصالهما . { وضاق بهم ذرعا } وضاق بشأنهم وتدبير أمرهم ذرعه أي طاقته كقولهم ضاقت يده وبإزائه رحب ذرعه بكذا إذا كان مطيقا له ، وذلك لأن طويل الذراع ينال ما لا يناله قصير الذراع . { وقالوا } لما رأوا فيه أثر الضجرة . { لا تخف ولا تحزن } على تمكنهم منا . { إنا منجوك وأهلك إلا امرأتك كانت من الغابرين } وقرأ حمزة والكسائي ويعقوب " لننجينه " " ومنجوك " بالتخفيف ووافقهم أبو بكر وابن كثير في الثاني ، وموضع الكاف الجر على المختار ونصب { أهلك } بإضمار فعل أو بالعطف على محلها باعتبار الأصل .
والضمير في { بهم } في الموضعين عائد على الأضياف الرسل ، وذلك من تخوفه لقومه عليهم فلما أخبروه بما هم فيه فرج عنه ، وقرأ عامة القراء «سِيء » بكسر السين ، وقرأ عيسى وطلحة بضمها ، و «الرجز » ، العذاب ، وقوله : { بما كانوا يفسقون } ، أي عذابهم بسبب فسقهم ، وكذلك كل أمة عذبها الله ، فإنما عذبها على الفسوق والمعصية لكن بأن يقترن ذلك بالكفر الذي يوجب عذاب الآخرة ، وقرأ أبو حيوة والأعمش «يفسِقون » بكسر السين ، وقوله تعالى : { ولقد تركنا منها } أي من خبرها وما بقي من أثرها ، ف «من » لابتداء الغاية ويصح أن تكون للتبعيض على أن يريد ما ترك من بقايا بناء القرية ومنظرها ، و «الآية » موضع العبرة وعلامة القدرة ومزدجر النفوس عن الوقوع في سخط الله تعالى .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.