فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَلَمَّآ أَن جَآءَتۡ رُسُلُنَا لُوطٗا سِيٓءَ بِهِمۡ وَضَاقَ بِهِمۡ ذَرۡعٗاۖ وَقَالُواْ لَا تَخَفۡ وَلَا تَحۡزَنۡ إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهۡلَكَ إِلَّا ٱمۡرَأَتَكَ كَانَتۡ مِنَ ٱلۡغَٰبِرِينَ} (33)

{ ولما أن جاءت رسلنا لوطا } بعد مفارقتهم إبراهيم و ( أن ) زائدة وهو مطرد { سيء بهم } أي : جاءه ما ساءه وأخافه ، لأنه ظنهم من البشر فخاف عليهم من قومه لكونهم في أحسن صورة من الصور البشرية .

{ وضاق بهم ذرعا } أي : عجز عن تدبيرهم ، وحزن وضاق صدره وضيق الذراع كناية عن العجز وفقد العجز وفقد الطاقة ، كما يقال في الكناية عن الفقر : ضاقت يده ، ومقابله رحب ذرعه بكذا إذا كان مطيقا له ، وذلك لأن طويل الذراع ينال ما لا يناله قصير الذراع ، وقد تقدم تفسير هذا مستوفى في هود ، ولما شاهدت الملائكة ما حل به من الحزن والتضجر .

{ قالوا لا تخف } علينا من قومك { ولا تحزن } فإنهم لا يقدرون علينا { إنا منجوك وأهلك } من العذاب الذي أمرنا الله به بأن ننزله بهم ، قرئ منجوك بالتخفيف والتشديد ، قال المبرد : التقدير وننجي أهلك { إلا امرأتك كانت من الغابرين } في العذاب .