فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَلَمَّآ أَن جَآءَتۡ رُسُلُنَا لُوطٗا سِيٓءَ بِهِمۡ وَضَاقَ بِهِمۡ ذَرۡعٗاۖ وَقَالُواْ لَا تَخَفۡ وَلَا تَحۡزَنۡ إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهۡلَكَ إِلَّا ٱمۡرَأَتَكَ كَانَتۡ مِنَ ٱلۡغَٰبِرِينَ} (33)

{ وَلَمَّا أَن جَاءتْ رُسُلُنَا لُوطاً سِيءَ بِهِمُ } أي لما جاءت الرسل لوطاً بعد مفارقتهم إبراهيم سيىء بهم أي جاءه ما ساءه ، وخاف منه ؛ لأنه ظنهم من البشر ، فخاف عليهم من قومه لكونهم في أحسن صورة من الصور البشرية ، و{ أن } في { أن جاءت } زائدة للتأكيد { وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا } أي عجز عن تدبيرهم وحزن وضاق صدره ، وضيق الذراع كناية عن العجز ، كما يقال في الكناية عن الفقر : ضاقت يده ، وقد تقدّم تفسير هذا مستوفى في سورة هود . ولما شاهدت الملائكة ما حلّ به من الحزن والتضجر ، قالوا : { لاَ تَخَفْ وَلاَ تَحْزَنْ } أي لا تخف علينا من قومك ، ولا تحزن فإنهم لا يقدرون علينا { إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ } من العذاب الذي أمرنا الله بأن ننزله بهم { إِلاَّ امرأتك كَانَتْ مِنَ الغابرين } أخبروا لوطاً بما جاؤوا به من إهلاك قومه وتنجيته وأهله إلاّ امرأته كما أخبروا بذلك إبراهيم ، قرأ حمزة والكسائي وشعبة ويعقوب والأعمش : { منجوك } بالتخفيف . وقرأ الباقون بالتشديد . قال المبرد : الكاف في { منجوك } مخفوض ولم يجز عطف الظاهر على المضمر المخفوض ، فحمل الثاني على المعنى وصار التقدير : وننجي أهلك .

/خ40