تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير  
{وَلَمَّآ أَن جَآءَتۡ رُسُلُنَا لُوطٗا سِيٓءَ بِهِمۡ وَضَاقَ بِهِمۡ ذَرۡعٗاۖ وَقَالُواْ لَا تَخَفۡ وَلَا تَحۡزَنۡ إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهۡلَكَ إِلَّا ٱمۡرَأَتَكَ كَانَتۡ مِنَ ٱلۡغَٰبِرِينَ} (33)

أي : من الهالكين ؛ لأنها كانت تمالئهم على كفرهم وبغيهم ودبرهم . ثم ساروا من عنده فدخلوا على لوط في صورة شباب حسان ، فلما رآهم كذلك ، { سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا } أي : اهتمَّ{[22576]} بأمرهم ، إن هو أضافهم خاف{[22577]} عليهم من قومه ، وإن لم يضفهم خشي عليهم منهم ، ولم يعلم بأمرهم في الساعة الراهنة . { قَالُوا لا تَخَفْ وَلا تَحْزَنْ إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ إِلا امْرَأَتَكَ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ . إِنَّا مُنزلُونَ عَلَى أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ } ، وذلك أن جبريل عليه السلام اقتلع قراهم من قرار الأرض ، ثم رفعها إلى عَنَان السماء ، ثم قلبها عليهم . وأرسل الله عليهم حجارة من سجيل منضود ، مسومة عند ربك وما هي من الظالمين ببعيد ، وجعل [ الله ]{[22578]} مكانها بحيرة خبيثة منتنة ، وجعلهم عبرة إلى يوم التناد{[22579]} ، وهم من أشد الناس عذابا يوم المعاد ؛ ولهذا قال تعالى : { وَلَقَدْ تَرَكْنَا مِنْهَا آيَةً بَيِّنَةً } أي : واضحة ، { لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ } ، كَمَا قَالَ { وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ * وَبِاللَّيْلِ أَفَلا تَعْقِلُونَ } [ الصافات : 137 ، 138 ] .


[22576]:- في ف ، أ : "اغتم".
[22577]:- في أ : "خوفا".
[22578]:- زيادة من ت ، ف ، أ.
[22579]:- في ت : "القيامة".