اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَلَمَّآ أَن جَآءَتۡ رُسُلُنَا لُوطٗا سِيٓءَ بِهِمۡ وَضَاقَ بِهِمۡ ذَرۡعٗاۖ وَقَالُواْ لَا تَخَفۡ وَلَا تَحۡزَنۡ إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهۡلَكَ إِلَّا ٱمۡرَأَتَكَ كَانَتۡ مِنَ ٱلۡغَٰبِرِينَ} (33)

قوله : { وَلَمَّا ( أَن ){[41401]} جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطاً } أي إنهم من عند إبراهيم جاءوا إلى لوط على صورة البشر فظنهم بشراً فخاف عليهم من قومه لأنهم كانوا في أحسن صورة والقوم كما عرف حالهم «سِيءَ بِهِمْ » أي جاءه ما ساءه وخاف ، ثم عجز عن تدبيرهم{[41402]} فحزن { وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعاً } كناية عن العجز في تدبيرهم قال الزمخشري : يقال : طال ذَرْعُهُ وذراعه للقادر ، وضاق للعاجز ، وذلك لأن من طال ذراعه يصل إلى ما لا يصل إليه قصير الذراع والاستعمال يحتمل وجهاً آخر معقولاً وهو أن الخوف والحزن يوجبان انقباض الروح ، ويتبعه اشتمال القلب عليه فينقبض هو أيضاً والقلب{[41403]} هو المعتبر من الإنسان فكأن الإنسان انقبض و انجمع وما يكون كذلك يقل{[41404]} ذرعه ومساحته فيضيق ، ويُقال في{[41405]} الحزين ضاق ذَرْعُهُ والغضب والفرح يوجبان{[41406]} انبساط الرُّوحِ فيبسط{[41407]} مكانه وهو القلب ، ويتسع فيقال : طال ذرْعه ، ثم إن الملائكة لما رأوا أول الأمر ، وحزنه بسبب تدبيرهم في ثاني الأمر قالوا : لا تخف من قومك علينا ولا تحزن بإهلاكنا إياهم { إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ } ، وإنا منزلون عليهم العذاب حتى يتبين له أنهم ملائكة فيطول ذرعه بطول رَوْعه .

قوله : «إنَّا مُنَجُّوكَ » في الكاف وما أشبهها مذهبان ، مذهب سيبويه : أنها في محل جر ، ومذهب الأخفش وهِشام أنها في محل نصب . وحذف النون والتنوين لشدة اتّصال الضَّمير .

وقد تقدمت قراءتا التخفيف والتثقيل في «لننجينه » مُنَجُّوك «في الحِجْرِ » .


[41401]:ساقط من ب.
[41402]:في ب: تذكيرهم.
[41403]:في ب: والقبض هو المعتبر.
[41404]:في ب: يصل وهو تحريف.
[41405]:في ب: في آخرين.
[41406]:في ب: موجبان.
[41407]:في ب: يبسط.