مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{وَلَمَّآ أَن جَآءَتۡ رُسُلُنَا لُوطٗا سِيٓءَ بِهِمۡ وَضَاقَ بِهِمۡ ذَرۡعٗاۖ وَقَالُواْ لَا تَخَفۡ وَلَا تَحۡزَنۡ إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهۡلَكَ إِلَّا ٱمۡرَأَتَكَ كَانَتۡ مِنَ ٱلۡغَٰبِرِينَ} (33)

ثم أخبر عن مسير الملائكة إلى لوط بعد مفارقتهم إبراهيم بقوله { وَلَمَّا أَن جَاءتْ رُسُلُنَا لُوطاً سِىء بِهِمْ } ساءه مجيئهم و «أن » صلة أكدت وجود الفعلين مرتباً أحدهما على الآخر كأنهما وجدا في جزء واحد من الزمان كأنه قيل : كما أحس بمجيئهم فاجأته المساءة من غير ريث خيفة عليهم من قومهم أن يتناولوهم بالفجور { سِىء بِهِمْ } مدني وشامي وعلي { وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا } وضاق بشأنهم وبتدبير أمرهم ذرعه أي طاقته ، وقد جعلوا ضيق الذرع والذراع عبارة عن فقد الطاقة كما قالوا «رحب الذراع » إذا كان مطيقاً ، والأصل فيه أن الرجل إذا طالت ذراعه نال ما لا يناله القصير الذراع فضرب ذلك مثلاً في العجز والقدرة وهو نصب على التمييز { وَقَالُواْ لاَ تَخَفْ وَلاَ تَحْزَنْ إِنَّا مُنَجُّوكَ } وبالتخفيف : مكي وكوفي غير حفص { وَأَهْلَكَ } الكاف في محل الجر ونصب { أهلك } بفعل محذوف أي وننجي أهلك { إِلاَّ امرأتك كَانَتْ مِنَ الغابرين