المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَقَالُواْ قُلُوبُنَا غُلۡفُۢۚ بَل لَّعَنَهُمُ ٱللَّهُ بِكُفۡرِهِمۡ فَقَلِيلٗا مَّا يُؤۡمِنُونَ} (88)

88- وكذلك كان موقفكم حيال رسولنا - محمد - خاتم النبيين . فلقد قلتم له حينما دعاكم إلى الإسلام : إن قلوبنا مغطاة بأغشية لا تنفذ إليها دعوتك ، فلا نكاد نفقه شيئاً مما تقول . ولم تكن قلوبهم كما يزعمون ، ولكنهم استكبروا وآثروا الضلالة على الهدى ، فلعنهم الله بكفرهم وأوهن يقينهم وأضعف إيمانهم .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَقَالُواْ قُلُوبُنَا غُلۡفُۢۚ بَل لَّعَنَهُمُ ٱللَّهُ بِكُفۡرِهِمۡ فَقَلِيلٗا مَّا يُؤۡمِنُونَ} (88)

{ وَقَالُوا قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلًا مَا يُؤْمِنُونَ }

أي : اعتذروا عن الإيمان لما دعوتهم إليه ، يا أيها الرسول ، بأن قلوبهم غلف ، أي : عليها غلاف وأغطية ، فلا تفقه ما تقول ، يعني فيكون لهم - بزعمهم - عذر لعدم العلم ، وهذا كذب منهم ، فلهذا قال تعالى : { بَلْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ } أي : أنهم مطرودون ملعونون ، بسبب كفرهم ، فقليلا المؤمن منهم ، أو قليلا إيمانهم ، وكفرهم هو الكثير .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَقَالُواْ قُلُوبُنَا غُلۡفُۢۚ بَل لَّعَنَهُمُ ٱللَّهُ بِكُفۡرِهِمۡ فَقَلِيلٗا مَّا يُؤۡمِنُونَ} (88)

75

ذلك كان موقفهم مع أنبيائهم ، يبينه ويقرره ، ثم يجابههم بموقفهم من الرسالة الجديدة والنبي الجديد ، فإذا هم هم ، كأنهم أولئك الذين جابهوا الأنبياء من قبل :

( وقالوا : قلوبنا غلف . بل لعنهم الله بكفرهم فقليلا ما يؤمنون ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدق لما معهم - وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا - فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به . فلعنة الله على الكافرين . بئسما اشتروا به أنفسهم : أن يكفروا بما أنزل الله - بغيا ، أن ينزل الله من فضله على من يشاء من عباده - فباؤوا بغضب على غضب ، وللكافرين عذاب مهين . وإذا قيل لهم : آمنوا بما أنزل الله ، قالوا : نؤمن بما أنزل علينا . ويكفرون بما وراءه ، وهو الحق مصدقا لما معهم ، قل : فلم تقتلون أنبياء الله من قبل إن كنتم مؤمنين ؟ ولقد جاءكم موسى بالبينات ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون . وإذ أخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطور : خذوا ما آتيناكم بقوة واسمعوا . قالوا : سمعنا وعصينا ، وأشربوا في قلوبهم العجل بكفرهم . قل : بئسما يأمركم به إيمانكم إن كنتم مؤمنين ! ) . .

إن الأسلوب هنا يعنف ويشتد ، ويتحول - في بعض المواضع - إلى صواعق وحمم . . إنه يجبههم جبها شديدا بما قالوا وما فعلوا ؛ ويجردهم من كل حججهم ومعاذيرهم ، التي يسترون بها استكبارهم عن الحق ، وأثرتهم البغيضة ، وعزلتهم النافرة ، وكراهتهم لأن ينال غيرهم الخير ، وحسدهم أن يؤتي الله أحدا من فضله . جزاء موقفهم الجحودي المنكر من الإسلام ورسوله الكريم . .

( وقالوا : قلوبنا غلف . بل لعنهم الله بكفرهم فقليلا ما يؤمنون ) . .

قالوا : إن قلوبنا مغلفة لا تنفذ إليها دعوة جديدة ، ولا تستمع إلى داعية جديد ! قالوها تيئيسا لمحمد [ ص ] وللمسلمين ، من دعوتهم إلى هذا الدين ؛ أو تعليلا لعدم استجابتهم لدعوة الرسول . .

ويقول الله ردا على قولتهم : ( بل لعنهم الله بكفرهم ) . . أي إنه طردهم وأبعدهم عن الهدى بسبب كفرهم . فهم قد كفروا ابتداء فجازاهم الله على الكفر بالطرد وبالحيلولة بينهم وبين الانتفاع بالهدى . . ( فقليلا ما يؤمنون ) . . أي قليلا ما يقع منهم الإيمان بسبب هذا الطرد الذي حق عليهم جزاء كفرهم السابق ، وضلالهم القديم . أو أن هذه حالهم : أنهم كفروا فقلما يقع منهم الإيمان ، حالة لاصقة بهم يذكرها تقريرا لحقيقتهم . . وكلا المعنيين يتفق مع المناسبة والموضوع .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَقَالُواْ قُلُوبُنَا غُلۡفُۢۚ بَل لَّعَنَهُمُ ٱللَّهُ بِكُفۡرِهِمۡ فَقَلِيلٗا مَّا يُؤۡمِنُونَ} (88)

{ وقالوا قلوبنا غلف } مغشاة بأغطية خلقية لا يصل إليها ما جئت به ولا تفقهه ، مستعار من الأغلف الذي لم يختن وقيل أصله غلف جمع غلاف فخفف ، والمعنى أنها أوعية للعلم لا تسمع علما إلا وعته ، ولا تعي ما تقول . أو نحن مستغنون بما فيها عن غيره . { بل لعنهم الله بكفرهم } رد لما قالوه ، والمعنى أنها خلقت على الفطرة والتمكن من قبول الحق ، ولكن الله خذلهم بكفرهم فأبطل استعدادهم ، أو أنها لم تأب قبول ما تقوله لخلل فيه ، بل لأن الله تعالى خذلهم بكفرهم كما قال تعالى : { فأصمهم وأعمى أبصارهم } ، أو هم كفرة ملعونون ، فمن أين لهم دعوى العلم والاستغناء عنك ؟ { فقليلا ما يؤمنون } فإيمانا قليلا يؤمنون ، وما مزيده للمبالغة في التقليل ، وهو إيمانهم ببعض الكتاب . وقيل أراد بالقلة العدم .