المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{فَبِأَيِّ ءَالَآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} (13)

13- فبأي نعمة من نعم ربكما تجحدان أيها الثقلان ؟ ! .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{فَبِأَيِّ ءَالَآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} (13)

ولما ذكر جملة كثيرة من نعمه التي تشاهد بالأبصار والبصائر ، وكان الخطاب للثقلين ، الإنس والجن ، قررهم تعالى بنعمه ، فقال : { فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } أي : فبأي نعم الله الدينية والدنيوية تكذبان ؟

وما أحسن جواب الجن حين تلا عليهم النبي صلى الله عليه وسلم هذه السورة ، فما مر بقوله : { فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } إلا قالوا{[944]}  ولا بشيء من آلائك ربنا نكذب ، فلك الحمد ، فهذا الذي ينبغي{[945]}  للعبد إذا تليت عليه نعم الله وآلاؤه ، أن يقر بها ويشكر ، ويحمد الله عليها .


[944]:- في ب: فكلما مر بقوله: "فبأي آلاء ربكما تكذبان" قالوا.
[945]:- في ب: فهكذا ينبغي
 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{فَبِأَيِّ ءَالَآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} (13)

عند هذا المقطع يهتف بالجن والإنسان ، في مواجهة الكون وأهل الكون : ( فبأي آلاء ربكما تكذبان ? ) . .

وهو سؤال للتسجيل والإشهاد . فما يملك إنس ولا جان أن يكذب بآلاء الرحمن في مثل هذا المقام .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{فَبِأَيِّ ءَالَآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} (13)

القول في تأويل قوله تعالى : { فَبِأَيّ آلآءِ رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ * خَلَقَ الإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ كَالْفَخّارِ * وَخَلَقَ الْجَآنّ مِن مّارِجٍ مّن نّارٍ * فَبِأَيّ آلآءِ رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ } .

يعني تعالى ذكره بقوله : فَبِأيّ آلاءِ رَبّكُما تُكَذّبانِ : فبأيّ نِعَم ربكما معشر الجنّ والإنس من هذه النعم تكذّبان . كما :

حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا سهل السراج ، عن الحسن فَبِأيّ آلاءِ رَبّكُما تُكَذّبانِ فبأيّ نعمة ربكما تكذّبان .

قال عبد الرحمن ، قال : حدثنا سفيان ، عن الأعمش ، عن مجاهد ، عن ابن عباس ، في قوله : فَبِأيّ آلاءِ رَبّكُما تُكَذّبانِ قال : لا بأيتها يا ربّ .

حدثنا محمد بن عباد بن موسى وعمرو بن مالك النضري ، قالا : حدثنا يحيى بن سليمان الطائفي ، عن إسماعيل بن أمية ، عن نافع ، عن ابن عمر ، قال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ سورة الرحمن ، أو قُرئت عنده ، فقال : «ما لِي أسْمَعُ الجِنّ أحْسَنَ جَوَابا لِرَبّها مِنْكُمْ ؟ » قالوا : ماذا يا رسول الله ؟ قال : «ما أتَيْتُ على قَوْلِ اللّهِ : فَبِأيّ آلاءِ رَبّكُما تكَذّبانِ ؟ إلاّ قالَتِ الجِنّ » : لا بِشَيْءٍ مِنْ نِعْمَةِ رَبّنا نُكَذّبُ » .

حدثني عليّ ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : فَبِأيّ آلاءِ رَبّكُما تُكَذّبانِ يقول : فبأيّ نعمة الله تكذّبان .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة فَبِأيّ آلاءِ رَبّكُما تُكَذّبانِ يقول للجنّ والإنس : بأيّ نِعم الله تكذّبان .

حدثنا ابن حُمَيد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن الأعمش وغيره ، عن مجاهد ، عن ابن عباس أنه كان إذا قرأ فَبِأيّ آلاءِ رَبّكُما تُكَذّبانِ قال : لا بأيتها ربنا .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد في قوله : فَبِأيّ آلاءِ رَبّكُما تُكَذّبانِ قال : الاَلاء : القدرة ، فبأيّ آلائه تكذّب خلقكم كذا وكذا ، فبأيّ قُدرة الله تكذّبان أيها الثّقَلان ، الجنّ والإنس .

فإن قال لنا قائل : وكيف قيل : فَبِأيّ آلاءِ رَبّكُما تُكَذّبانِ فخاطب اثنين ، وإنما ذكر في أوّل الكلام واحد ، وهو الإنسان ؟ قيل : عاد بالخطاب في قوله : فَبِأيّ آلاءِ رَبّكُما تُكَذّبانِ إلى الإنسان والجانّ ، ويدلّ على أن ذلك كذلك ما بعد هذا من الكلام ، وهو قوله : خَلَقَ الإنْسانَ مِنْ صَلْصَالٍ كالفَخّارِ وَخَلَقَ الجانّ مِنْ مارِجٍ مِنْ نارٍ . وقد قيل : إنما جعل الكلام خطابا لاثنين ، وقد ابتدىء الخبر عن واحد ، لما قد جرى من فعل العرب ، تفعل ذلك وهو أن يخاطبوا الواحد بفعل الاثنين ، فيقولون : خلياها يا غلام ، وما أشبه ذلك مما قد بيّناه من كتابنا هذا في غير موضع .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{فَبِأَيِّ ءَالَآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} (13)

فبأي آلاء ربكما تكذبان الخطاب للثقلين المدلول عليهما بقوله للأنام وقوله أيها الثقلان .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{فَبِأَيِّ ءَالَآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} (13)

الفاء للتفريع على ما تقدم من المنن المدمجة مع دلائل صدق الرسول صلى الله عليه وسلم وحقّية وَحي القرآن ، ودلائل عظمة الله تعالى وحكمته باستفهام عن تعيين نعمة من نعم الله يتأتى لهم إنكارها ، وهو تذييل لما قبله .

و ( أيِّ ) استفهام عن تعيين واحد من الجنس الذي تضاف إليه وهي هنا مستعملة في التقرير بذكر ضِدّ ما يقربه مثل قوله : { ألم نشرح لك صدرك } [ الشرح : 1 ] . وقد بينته عند قوله تعالى : { يا معشر الجن والإنس ألم يأتكم رسل منكم } في سورة الأنعام ( 130 ) ، أي لا يستطيع أحد منكم أن يجحد نعم الله .

والآلاء : النعم جمع : إلْي بكسر الهمزة وسكون اللام ، وأَلْي بفتح الهمزة وسكون اللام وياء في آخره ويقال أَلْوُ بواو عوض الياء وهو النعمة .

وضمير المثنى في { ربكما تكذبان } خطاب لفريقين من المخاطبين بالقرآن . والوجه عندي أنه خطاب للمؤمنين والكافرين الذين ينقسم إليهما جنس الإِنسان المذكور في قوله : { خلق الإنسان } [ الرحمن : 3 ] وهم المخاطبون بقوله : { ألا تطغوا في الميزان } [ الرحمن : 8 ] الآية والمنقسم إليهما الأنام المتقدم ذكره ، أي أن نعم الله على الناس لا يجحدها كافر بَلْهَ المؤمن ، وكل فريق يتوجه إليه الاستفهام بالمعنى الذي يناسب حاله .

والمقصود الأصلي : التعريض بالمشركين وتوبيخهم على أن أشركوا في العبادة مع المنعِم غيرَ المنعِم ، والشهادةُ عليهم بتوحيد المؤمنين ، والتكذيب مستعمل في الجحود والإِنكار .

وقيل التثنية جرت على طريقة في الكلام العربي أن يخاطبوا الواحد بصيغة المثنى كقوله تعالى : { ألقيا في جهنم كل كفار عنيد } [ ق : 24 ] ذكر ذلك الطبري والنسفي .

ويجوز أن تكون التثنية قائمة مقام تكرير اللفظ لتأكيد المعنى مثل : لَبيك وسعديك ، ومعنى هذا أن الخطاب لواحد وهو الإنسان .

وقال جمهور المفسرين : هو خطاب للإنس والجن ، وهذا بعيد لأن القرآن نزل لخطاب الناس ووعظهم ولم يأت لخطاب الجن ، فلا يتعرض القرآن لخطابهم ، وما ورد في القرآن من وقوع اهتداء نفر من الجن بالقرآن في سورة الأحقاف وفي سورة الجن يحمل على أن الله كلّف الجن باتباع ما يتبين لهم في إدراكهم ، وقد يُكلف الله أصنافاً بما هم أهل له دون غيرهم ، كما كلّف أهل العلم بالنظر في العقائد وكما كلّفهم بالاجتهاد في الفروع ولم يكلف العامة بذلك ، فما جاء في القرآن من ذكر الجن فهو في سياق الحكاية عن تصرفات الله فيهم وليس لتوجيه العمل بالشريعة .

وأما ما رواه الترمذي عن جابر بن عبد الله الأنصاري « أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج على أصحابه فقرأ عليهم سورة الرحمن وهم ساكتون فقال لهم " لقد قرأتُها على الجن ليلةَ الجن فكانوا أحسن مردوداً منكم ، كنت كلما أتيت على قوله : { فبأي ألاء ربكما تكذبان } قالوا : لا بشيء من نعمك ربنا نكذب فلك الحمد " . قال الترمذي : هو حديث غريب وفي سنده زهير بن محمد وقد ضعفه البخاري وأحمد بن حنبل .

وهذا الحديث لو صح فليس تفسيراً لضمير التثنية لأن الجن سمعوا ذلك بعد نزوله فلا يقتضي أنهم المخاطبون به وإنما كانوا مقتدين بالذين خاطبهم الله ، وقيل الخطاب للذكور والإِناث وهو بعيد .

والتكذيب مستعمل في معنى الجحد والإِنكار مجازاً لتشنيع هذا الجحد .

وتكذيب الآلاء كناية عن الإِشراك بالله في الإِلهية . والمعنى : فبأي نعمة من نعم الله عليكم تنكرون أنها نعمة عليكم فأشركتم فيها غيره بَلْه إنكار جميع نعمه إذ تعبدون غيره دواماً .