لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن - الخازن  
{فَبِأَيِّ ءَالَآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} (13)

ثم خاطب الجن والإنس فقال تعالى : { فبأي آلاء ربكما تكذبان } يعني أيها الثقلان يريد هذه الأشياء المذكورة وكرر هذه الآية في هذه الصورة في أحد وثلاثين موضعاً تقريراً للنعمة وتأكيداً في التذكير بها ، ثم عدد على الخلق آلاءه وفصل بين كل نعمتين بما ينبههم عليها ليفهمهم النعم ويقررهم بها كقول الرجل لمن أحسن إليه وتابع إليه بالأيادي وهو ينكرها ويكفرها ألم تكن فقيراً فأغنيتك أفتنكر هذا ؟ ألم تكن عرياناً فكسوتك أفتنكر هذا ؟ ألم تكن حاملاً فعززتك أفتنكر هذا ؟ ومثل هذا الكلام شائع في كلام العرب حسن تقريراً وذلك لأن الله تعالى ذكر في هذه السورة ما يدل على وحدانيته من خلق الإنسان وتعليمه البيان وخلق الشمس والقمر والسماء والأرض إلى غير ذلك مما أنعم به على خلقه وخاطب الجن والإنس فقال فبأي آلاء ربكما تكذبان من الأشياء المذكورة لأنها كلها منعم بها عليكم . عن جابر رضي الله تعالى عنه قال «خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على أصحابه فقرأ عليهم سورة الرحمن من أولها إلى آخرها فسكتوا فقال لقد قرأتها على الجن ليلة الجن فكانوا أحسن مردوداً منكم كنت كلما أتيت على قوله فبأي آلاء ربكما تكذبان قالوا لا بشيء من نعمك ربنا نكذب فلك الحمد » أخرجه الترمذي وقال حديث غريب وفي رواية غيره «كانوا أحسن منكم رداً وفيه ولا بشيء » .