وقد ذكر الله تعالى من أول السورة نعماءه ، ثم خاطب الإنس والجن فقال : { فَبِأَيّ آلاء رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ } وإن لم يسبق ذكرهما ، لأن في الكلام دليلاً ، وقد ذكرهما من بعده ، وهو قوله : { وَمَا خَلَقْتُ الجن والإنس } وقال : { فَبِأَيّ آلاء رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ } يعني : فبأي نعمة من نعماء ربكما أيها الجن والإنس { تُكَذّبَانِ } يعني : تتجاحدان بأنها ليست من الله تعالى . قال بعضهم : { الله لَعَلَّكُمْ } ونعماء الله واحد . إلا أن الآلاء أعم ، والنعماء أخص . ويقال : الآلاء النعمة الظاهرة وهو التوحيد ، والنعماء : النعمة الباطنة وهو المعرفة بالقلب ، كقوله : { أَلَمْ تَرَوْاْ أَنَّ الله سَخَّرَ لَكُمْ مَّا في السماوات وَمَا في الأرض وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهرة وَبَاطِنَةً وَمِنَ الناس مَن يجادل في الله بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلاَ هُدًى وَلاَ كتاب مُّنِيرٍ } [ لقمان : 20 ] وقال بعضهم : الآلاء إيصال النعم ، والنعماء رفع البلايا . مثاله أن رجلاً لو كانت له يد شلاء فله الآلاء وليست النعماء . وكذلك لسان الأخرس ، ورجل مقعد ، فله الآلاء ، وليست له النعماء . وأكثر المفسرين لم يفصلوا بينهما ، وقد ذكر في هذه السورة دفع البلية ، وإيصال النعمة . فكل ذلك سماه الآلاء . وروى محمد بن المنذر ، عن جابر ، بن عبد الله ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ على أصحابه سورة الرحمن ، فسكت القوم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : «الجنُّ كَانُوا أَحْسَنَ رَدّاً مِنْكُمْ ، مَا قَرَأْتَ عَلَيْهِمْ { والريحان فَبِأَيّ آلاء رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ } إلاَّ قَالُوا : ولا بِوَاحِدَةٍ مِنْهَا فَلَكَ الحَمْدُ » . وفي رواية أخرى : أنه قال : «مَا قَرَأْتُ عَلَيْهِمْ إلاَّ قَالُوا وَلا بِوَاحِدَةٍ مِنْهَا فَلَكَ الْحَمْدُ » .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.