المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{هُنَالِكَ ٱلۡوَلَٰيَةُ لِلَّهِ ٱلۡحَقِّۚ هُوَ خَيۡرٞ ثَوَابٗا وَخَيۡرٌ عُقۡبٗا} (44)

44- فإن النصرة في كل حال ثابتة لله الحق - وحده - وهو - سبحانه - خير لعبده المؤمن يجزل له الثواب ويحسن له العاقبة .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{هُنَالِكَ ٱلۡوَلَٰيَةُ لِلَّهِ ٱلۡحَقِّۚ هُوَ خَيۡرٞ ثَوَابٗا وَخَيۡرٌ عُقۡبٗا} (44)

{ هُنَالِكَ الْوَلَايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَوَابًا وَخَيْرٌ عُقْبًا } أي : في تلك الحال التي أجرى الله فيها العقوبة على من طغى ، وآثر الحياة الدنيا ، والكرامة لمن آمن ، وعمل صالحا ، وشكر الله ، ودعا غيره لذلك ، تبين وتوضح أن الولاية لله الحق ، فمن كان مؤمنا به تقيا ، كان له وليا ، فأكرمه بأنواع الكرامات ، ودفع عنه الشرور والمثلات ، ومن لم يؤمن بربه ويتولاه ، خسر دينه ودنياه ، فثوابه الدنيوي والأخروي ، خير{[490]}  ثواب يرجى ويؤمل ، ففي هذه القصة العظيمة ، اعتبار بحال الذي أنعم الله عليه نعما دنيوية ، فألهته عن آخرته وأطغته ، وعصى الله فيها ، أن مآلها الانقطاع والاضمحلال ، وأنه وإن تمتع بها قليلا ، فإنه يحرمها طويلا ، وأن العبد ينبغي له -إذا أعجبه شيء من ماله أو ولده- أن يضيف النعمة إلى موليها ومسديها ، وأن يقول : { ما شاء الله ، لا قوة إلا بالله } ليكون شاكرا لله متسببا لبقاء نعمته عليه ، لقوله : { وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ } وفيها : الإرشاد إلى التسلي عن لذات الدنيا وشهواتها ، بما عند الله من الخير لقوله : { إِنْ تَرَن أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالًا وَوَلَدًا فَعَسَى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْرًا مِنْ جَنَّتِكَ } وفيها أن المال والولد لا ينفعان ، إن لم يعينا على طاعة الله كما قال تعالى : { وما أموالكم ولا أولادكم بالتي تقربكم عندنا زلفى إلا من آمن وعمل صالحا } وفيه الدعاء بتلف مال ما كان ماله سبب طغيانه وكفره وخسرانه ، خصوصا إن فضل نفسه بسببه على المؤمنين ، وفخر عليهم ، وفيها أن ولاية الله وعدمها إنما تتضح نتيجتها إذا انجلى الغبار وحق الجزاء ، ووجد العاملون أجرهم ف { هُنَالِكَ الْوَلَايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَوَابًا وَخَيْرٌ عُقْبًا } أي : عاقبة ومآلا .


[490]:- في الجملة إشكال دفع إلى جعلها في بعض الطبعات (شر ثواب) وهي في النسختين (خير ثواب) وظاهر أن المقصود بذلك من كان مؤمنا تقيا، فهو الذي ثوابه خير ثواب.
 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{هُنَالِكَ ٱلۡوَلَٰيَةُ لِلَّهِ ٱلۡحَقِّۚ هُوَ خَيۡرٞ ثَوَابٗا وَخَيۡرٌ عُقۡبٗا} (44)

وقوله - سبحانه - : { هُنَالِكَ الولاية لِلَّهِ الحق . . } تقرير وتأكيد للآية السابقة . ولفظ هنالك ظرف مكان .

وكلمة { الولاية } قرأها الجمهور بفتح الواو ، بمعنى الموالاة والصلة والنصرة كما قرأ الجمهور كلمة { الحق } بالجر على أنها نعت للفظ الجلالة .

فيكون المعنى : فى ذلك المقام وتلك الحال تكون الولاية - أى الموالاة والصلة - من كل الناس ، لله - تعالى - وحده إذ الكافر عندما يرى العذاب يعترف بوحدانية الله - تعالى - كما قال - سبحانه - { فَلَمَّا رَأَوْاْ بَأْسَنَا قالوا آمَنَّا بالله وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ فَلَمْ يَكُ يَنفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْاْ بَأْسَنَا } ويجوز أن يكون المعنى : فى ذلك المقام وتلك الحال تكون الولاية أى الموالاة لله - تعالى - وحده . فيوالى المؤمنين برحمته ومغفرته وينصرهم على أعدائهم . كما قال - سبحانه - { ذَلِكَ بِأَنَّ الله مَوْلَى الذين آمَنُواْ وَأَنَّ الكافرين لاَ مولى لَهُمْ } وقرأ حمزة والكسائى : { الولاية } بكسر الواو ، بمعنى الملك والسلطان كما قرأ أبو عمرو والكسائى لفظ { الحق } بالرفع على أنه نعت للولاية .

فيكون المعنى : فى ذلك المقام تكون الولاية الحق ، والسلطان الحق ، لله رب العالمين ، كما قال - سبحانه - : { الملك يَوْمَئِذٍ الحق للرحمن وَكَانَ يَوْماً عَلَى الكافرين عَسِيراً } قال بعض العلماء : وقوله { هنالك } يرى بعضهم أنه متعلق بما بعده ، والوقف تام على قوله { وَمَا كَانَ مُنْتَصِراً } .

ويرى آخرون أنه متعلق بما قبله .

فعلى القول الأول يكون الظرف { هنالك } عامله ما بعده أى : الولاية كائنة لله هنالك .

وعلى القول الثانى فالعامل فى الظرف اسم الفاعل الذى هو { منتصرا } . أى : لم يكن انتصاره واقعا هنالك .

وقوله - سبحانه - : { وَ خَيْرٌ ثَوَاباً وَخَيْرٌ عُقْباً } أى : هو - عز وجل - خير إثابة وإعطاء لأوليائه ، وخير عاقبة لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى .

وعاقبة الأمر : آخره وما يصير إليه منتهاه . و { ثوابا } و { عقبا } منصوبان على التمييز ، بعد صيغة التفضيل { خير } التى حذفت منها الهمزة تخفيفا لكثرة الاستعمال كما قال ابن مالك - رحمه الله - :

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{هُنَالِكَ ٱلۡوَلَٰيَةُ لِلَّهِ ٱلۡحَقِّۚ هُوَ خَيۡرٞ ثَوَابٗا وَخَيۡرٌ عُقۡبٗا} (44)

{ هُنالك } في ذلك المقام وتلك الحال . { الوَلاية لله الحق } النصرة له وحده لا يقدر عليها غير تقديرا لقوله { ولم تكن له فئة ينصرونه } أو نصر فيها أولياءه المؤمنين على الكفرة كما نصر فيما فعل بالكافر أخاه المؤمن ويعضده قوله : { هو خير ثوابا وخير عُقباً } أي لأوليائه . وقرأ حمزة والكسائي بالكسر ومعناه السلطان والملك أي هناك السلطان له لا يغلب ولا يمنع منه ، أو لا يعبد غيره كقوله تعالى { فإذا ركبوا الفلك دعوا الله مخلصين له الدين } فيكون تنبيها على أن قوله { يا ليتني لم أشرك } كان عن اضطرار وجزع مما دهاه وقيل { هنالك } إشارة إلى الآخرة وقرأ أبو عمرو والكسائي { الحق } بالرفع صفة للولاية ، وقرئ بالنصب على المصر المؤكد ، وقرأ عاصم وحمزة " عُقباً " بالسكون ، وقرئ " عَقْبَى " وكلها بمعنى العاقبة .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{هُنَالِكَ ٱلۡوَلَٰيَةُ لِلَّهِ ٱلۡحَقِّۚ هُوَ خَيۡرٞ ثَوَابٗا وَخَيۡرٌ عُقۡبٗا} (44)

وقوله { هنالك } يحتمل أن يكون ظرفاً لقوله { منتصراً } ويحتمل أن تكون { الولاية } مبتدأ ، و { هنالك } خبره ، وقرأ حمزة والكسائي والأعمش ويحيى بن وثاب «الوِلاية » بكسر الواو ، وهي بمعنى الرياسة والزعامة ونحوه ، وقرأ الباقون «الوَلاية » بفتح الواو وهي بمعنى الموالاة والصلة ونحوه ، ويحكى عن أبي عمرو والأصمعي أن كسر الواو هنا لحن ، لأن فعالة ، إنما تجيء فيما كان صنعة أو معنى متقلداً ، وليس هنا تولي أمر الموالاة ، وقرأ أبو عمرو والكسائي «الحق » بالرفع على جهة النعت ل { الولاية } ، وقرأ الباقون «الحقِّ » بالخفض على النعت { لله } عز وجل ، وقرأ أبو حيوة «لله الحقَّ » بالنصب وقرأ الجمهور «عُقُباً » بضم العين والقاف وقرأ عاصم وحمزة والحسن «عُقْباً » بضم العين وسكون القاف وتنوين الباء ، وقرأ عاصم أيضاً «عقبى » بياء التأنيث{[7812]} ، والعُقُب والعُقْب بمعنى العاقبة .


[7812]:هذه من رواية أبي بكر عن عاصم، أما القراءة السابقة عن عاصم بضم العين وسكون القاف فهي من رواية حفص عنه.