المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَيَقُولُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَوۡلَآ أُنزِلَ عَلَيۡهِ ءَايَةٞ مِّن رَّبِّهِۦٓۗ إِنَّمَآ أَنتَ مُنذِرٞۖ وَلِكُلِّ قَوۡمٍ هَادٍ} (7)

7- ويقول هؤلاء الجاحدون غير معتدين بالمعجزة الكبرى ، وهي القرآن : هلا أنزل عليه ربه علامة علي نبوته من الحس كتحريك الجبال ، فيبين الله لنبيه الحق في القضية ؟ ويقول له سبحانه : إنما أنت - أيها النبي - منذر لهم بسوء العاقبة ، إن استمروا علي ضلالهم ، ولكل قوم رسول يهديهم إلي الحق ، ومعجزة تبين رسالته ، وليس لهم أن يختاروا ، إنما عليهم أن يجيبوا التحدي وأن يأتوا بمثله .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَيَقُولُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَوۡلَآ أُنزِلَ عَلَيۡهِ ءَايَةٞ مِّن رَّبِّهِۦٓۗ إِنَّمَآ أَنتَ مُنذِرٞۖ وَلِكُلِّ قَوۡمٍ هَادٍ} (7)

{ 7 } { وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ }

أي : ويقترح الكفار عليك من الآيات ، التي يعينونها ويقولون : { لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ } ويجعلون هذا القول منهم ، عذرا لهم في عدم الإجابة إلى الرسول ، والحال أنه منذر ليس له من الأمر شيء ، والله هو الذي ينزل الآيات .

وقد أيده بالأدلة البينات التي لا تخفى على أولي الألباب ، وبها يهتدي من قصده الحق ، وأما الكافر الذي -من ظلمه وجهله- يقترح على الله الآيات فهذا اقتراح منه باطل وكذب وافتراء{[453]}

فإنه لو جاءته أي آية كانت لم يؤمن ولم ينقد ؛ لأنه لم يمتنع من الإيمان ، لعدم ما يدله على صحته وإنما ذلك لهوى نفسه واتباع شهوته { وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ } أي : داع يدعوهم إلى الهدى من الرسل وأتباعهم ، ومعهم من الأدلة والبراهين ما يدل على صحة ما معهم من الهدى .


[453]:- كذا في ب، وفي أ: وافتراه.
 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَيَقُولُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَوۡلَآ أُنزِلَ عَلَيۡهِ ءَايَةٞ مِّن رَّبِّهِۦٓۗ إِنَّمَآ أَنتَ مُنذِرٞۖ وَلِكُلِّ قَوۡمٍ هَادٍ} (7)

ثم حكى - سبحانه - لوناً آخر من رذائلهم ، وهو عدم اعتدادهم بالقرآن الكريم ، الذي هو أعظم الآيات والمعجزات فقال - تعالى - : { وَيَقُولُ الذين كَفَرُواْ لولا أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ . . . }

و { لولا } هنا حرف تحضيض بمعنى هلا .

ومرادهم بالآية : معجزة كونية كالتى جاء بها موسى من إلقائه العصى فإذا هي حية تسعى ، أو كالتى جاء بها عيسى من إبرائه الأكمه والأبرص وإحيائه الموتى بإذن الله ، أو كما يقترحون هم من جعل جبل الصفا ذهباً . . .

لأن القرآن - في زعمهم - ليس كافياً لكونه معجزة دالة على صدقه - صلى الله عليه وسلم - .

أى : ويقول هؤلاء الكافرون الذين عموا وصموا على الحق واستعجلوا العذاب . هلا أنزل على محمد - صلى الله عليه وسلم - آية أخرى غير القرآن الكريم تدل على صدقه .

ولقد حكى القرآن مطالبهم المتعنتة في آيات كثيرة ، منها قوله - تعالى - : { وَقَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حتى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الأرض يَنْبُوعاً . أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الأنهار خِلالَهَا تَفْجِيراً . . . } وقد رد الله - تعالى - عليهم ببيان وظيفة النبى - صلى الله عليه وسلم - فقال { إِنَّمَآ أَنتَ مُنذِرٌ . . . } .

أى : أن وظيفتك - أيها الرسول الكريم - هي إنذار هؤلاء الجاحدين بسوء المصير ، إذا ما لجوا في طغيانهم ، وأصروا على كفرهم وعنادهم وليس من وظيفتك الإِتيان بالخوارق التي طلبوها منك .

وإنما قصر - سبحانه - هنا وظيفة النبى - صلى الله عليه وسلم - على الإِنذار ، لأنه هو المناسب لأحوال المشركين الذين أنكروا كون القرآن معجزة .

وقوله { وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ } أى : ولكل قوم نبى يهديهم إلى الحق والرشاد بالوسلة التي يراها مناسبة لأحوالهم ، وأنا - أيها الرسول الكريم - قد جئتهم بهذا القرآن الكريم الهادى للتى هي أقوم . والذى هو خير وسيلة لإِرشاد الناس إلى ما يسعدهم في دينهم ودنياهم وآخرتهم .

قال الشيخ القاسمى : " أو المعنى : ولكل قوم هاد عظيم الشأن ، قادر على هدايتهم . هو الله - تعالى - فما عليك إلا إنذارهم لا هدايتهم كما قال - تعالى - { لَّيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ ولكن الله يَهْدِي مَن يَشَآءُ . . . } أو المعنى : { وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ } أى : قائد يهديهم إلى الرشد ، وهو الكتاب المنزل عليهم ، الداعى بعنوان الهداية إلى ما فيه صلاحهم .

يعنى : أن سر الإِرسال وآيته الفريدة إنما هو الدعاء إلى الهدى ، وتبصير سبله ، والإِنذار من الاسترسال في مساقط الردى . وقد أنزل عليك من الهدى أحسنه ، فكفى بهدايته آية كبرى وخارقة عظمى . وأما الآيات المقترحة فأمرها إلى الله وحده . . .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَيَقُولُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَوۡلَآ أُنزِلَ عَلَيۡهِ ءَايَةٞ مِّن رَّبِّهِۦٓۗ إِنَّمَآ أَنتَ مُنذِرٞۖ وَلِكُلِّ قَوۡمٍ هَادٍ} (7)

ثم يمضي السياق في التعجيب من أمر القوم ، الذين لا يدركون كل تلك الآيات الكونية ، فيطلبون آية واحدة ينزلها الله على رسوله . آية واحدة والكون حولهم كله آيات :

( ويقول الذين كفروا : لولا أنزل عليه آية من ربه ! إنما أنت منذر ، ولكل قوم هاد ) . .

إنهم يطلبون خارقة . والخوارق ليست من عمل الرسول ولا اختصاصه . إنما يبعث بها الله معه ، حين يرى بحكمته أنها لازمة . ( إنما انت منذر )محذر ومبصر . شأنك شأن كل رسول قبلك ، فقد بعث الله الرسل للأقوام للهداية ( ولكل قوم هاد )فأما الآيات الخارقة فأمرها إلى مدبر الكون والعباد .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَيَقُولُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَوۡلَآ أُنزِلَ عَلَيۡهِ ءَايَةٞ مِّن رَّبِّهِۦٓۗ إِنَّمَآ أَنتَ مُنذِرٞۖ وَلِكُلِّ قَوۡمٍ هَادٍ} (7)

{ ويقول الذين كفروا لولا أُنزل عليه آية من ربه } لعدم اعتدادهم بالآيات المنزلة عليه واقتراحا لنحو ما أوتي موسى وعيسى عليهما السلام . { إنما أنت منذرٌ } مرسل للإنذار كغيرك من الرسل وما عليك إلا الإتيان بما تصح به نبوتك من جنس المعجزات لا بما يقترح عليك . { ولكل قوم هاد } نبي مخصوص بمعجزات من جنس ما هو الغالب عليهم يهديهم إلى لاحق ويدعوهم إلى الصواب ، أو قادر على هدايتهم وهو الله تعالى لكن لا يهدي إلا من يشاء هدايته بما ينزل عليك من الآيات .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَيَقُولُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَوۡلَآ أُنزِلَ عَلَيۡهِ ءَايَةٞ مِّن رَّبِّهِۦٓۗ إِنَّمَآ أَنتَ مُنذِرٞۖ وَلِكُلِّ قَوۡمٍ هَادٍ} (7)

وقوله تعالى : { ويقول الذين كفروا } الآية ، هذه آية غض من اقتراحاتهم المتشططة التي لم يجر الله به عادة إلا للأمم التي حتم بعذابها واستئصالها ، و «الآية » هنا يراد بها الأشياء التي سمتها قريش كالملك والكنز وغير ذلك ، ثم أخبره الله تعالى بأنه { منذر } وهذا الخبر قصد هو بلفظه ، والناس أجمعون بمعناه .

واختلف المتأولون في قوله : { ولكل قوم هاد } فقال عكرمة وأبو الضحى : المراد بالهادي محمد عليه السلام ، و { هادٍ } عطف على { منذر } كأنه قال : إنما أنت { منذر } و { هادٍ } لكل قوم . فيكون هذا المعنى يجري مع قوله عليه السلام : «بعثت للأسود والأحمر »{[6909]} و { هادٍ } - على هذا - في هذه الآية بمعنى داعٍ إلى طريق الهدى . وقال مجاهد وابن زيد : المعنى : إنما أنت «منذر » ولكل أمة سلفت «هادٍ » أي نبي يدعوهم .

قال القاضي أبو محمد : والمقصد : فليس أمرك يا محمد ببدع ولا منكر ، وهذا يشبه غرض الآية .

وقالت فرقة : «الهادي » في هذه الآية الله عز وجل ، وروي ذلك عن ابن عباس ومجاهد وابن جبير ، و { هادٍ } - على هذا - معناه مخترع للرشاد .

قال القاضي أبو محمد : والألفاظ تطلق بهذا المعنى ، ويعرف أن الله تعالى هو الهادي من غير هذا الموضع .

وقالت فرقة «الهادي » : علي بن أبي طالب ، ورويت عن النبي صلى الله عليه وسلم - من طريق ابن عباس - أنه قرأ هذه الآية وعلي حاضر ، فأومأ بيده إلى منكب علي وقال : «أنت الهادي يا علي بك يهتدي المهتدون من بعدي »{[6910]} .

قال القاضي أبو محمد : والذي يشبهه - إن صح هذا - أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما جعل علياً رضي الله عنه مثالاً من علماء الأمة وهداتها إلى الدين ، كأنه قال : أنت يا علي وصنفك ، فيدخل في هذا أبو بكر وعمر وعثمان وسائر علماء الصحابة ، ثم كذلك من كل عصر ، فيكون المعنى - على هذا - إنما أنت يا محمد ولكل قوم في القديم والحديث رعاة وهداة إلى الخير .

قال القاضي أبو محمد : والقولان الأولان أرجح ما تأول في الآية .


[6909]:أخرجه أبو داود في السير، والإمام مسلم في المساجد، والإمام أحمد في مسنده في مواضع متعددة، ولفظه كما في مسند الإمام أحمد (1 ـ 301): (أعطيت خمسا لم يعطهن نبي قبلي، ولا أقولهن فخرا، بعثت إلى الناس كافة الأحمر والأسود، ونصرت بالرعب مسيرة شهر، وأحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد قبلي، وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا، وأعطيت الشفاعة فأخرتها لأمتي فهي لمن لا يشرك بالله شيئا).
[6910]:أخرجه ابن جرير، وابن مردية، وأبو نعيم في المعرفة، والديلمي، وابن عساكر، وابن النجار. (الدر المنثور). ويظهر من كلام ابن عطية أنه يشك في صحة هذا الحديث، أو على الأقل أنه يؤوله بما وضحه في كلامه.