فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَيَقُولُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَوۡلَآ أُنزِلَ عَلَيۡهِ ءَايَةٞ مِّن رَّبِّهِۦٓۗ إِنَّمَآ أَنتَ مُنذِرٞۖ وَلِكُلِّ قَوۡمٍ هَادٍ} (7)

{ وَيَقُولُ الذين كَفَرُوا لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مّن رَّبّهِ } أي : هلا أنزل عليه آية غير ما قد جاء به من الآيات ، وهؤلاء الكفار القائلون هذه المقالة هم المستعجلون للعذاب . قال الزجاج : طلبوا غير الآيات التي أتى بها فالتمسوا مثل آيات موسى وعيسى ، فقال الله تعالى : { إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرُ } تنذرهم بالنار ، وليس إليك من الآيات شيء . انتهى . وهذا مكابرة من الكفار وعناد ، وإلاّ فقد أنزل الله على رسوله من الآيات ما يغني البعض منه ، وجاء في { إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرُ } بصيغة الحصر لبيان أنه صلى الله عليه وسلم مرسل لإنذار العباد ، وبيان ما يحذرون عاقبته ، وليس عليه غير ذلك ، وقد فعل ما هو عليه ، وأنذر أبلغ إنذار ، ولم يدع شيئاً مما يحصل به ذلك إلاّ أتى به وأوضحه وكرره ، فجزاه الله عن أمته خيراً . { وَلِكُلّ قَوْمٍ هَادٍ } أي : نبيّ يدعوهم إلى ما فيه هدايتهم ورشادهم . وإن لم تقع الهداية لهم بالفعل ولم يقبلوها ، وآيات الرسل مختلفة هذا يأتي بآية أو آيات لم يأت بها الآخر بحسب ما يعطيه الله منها ، ومن طلب من بعضهم ما جاء به البعض الآخر فقد بلغ في التعنت إلى مكان عظيم ، فليس المراد من الآيات إلاّ الدلالة على النبوّة لكونها معجزة خارجة عن القدرة البشرية ، وذلك لا يختص بفرد منها ، ولا بأفراد معينة . وقيل : إن المعنى { ولكل قوم هاد } ، وهو الله - عزّ وجلّ - فإنه القادر على ذلك ، وليس على أنبيائه إلاّ مجرد الإنذار .

/خ11