ولما بين سبحانه أنهم غطوا آيات ربهم المتفضل عليهم بتلك الآيات وغيرها ، عجب منهم عجباً آخر في طلبهم إنزال الآيات مع كونها متساوية الأقدام في الدلالة على الصانع وما له من صفات الكمال ، فلما كفروا بما أتاهم كانوا جديرين بالكفر بما يأتيهم فقال : { ويقول } أي{[43541]} على سبيل الاستمرار { الذين كفروا } استهزاء بالقدرة { لولا } أي هلا ولم لا { أنزل } أي بإنزال أيّ كائن كان { عليه آية } جاحدين عناداً لما أتاه من الآيات { من ربه } أي المحسن إليه تصديقاً له .
ولما كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم راغباً في إجابة{[43542]} مقترحاتهم لشدة التفاته إلى إيمانهم ، كان كأنه سأل في ذلك لتحصل لهم النجاة ، فأجيب بقوله تعالى - مقدماً ما السياق أولى به لأنه لبيان أن الأكثر لا يؤمن - : { إنما أنت منذر } أي نبي منذر هاد لهم تهديهم{[43543]} ببيان ما أنزله{[43544]} عليك مما يوقع في الهلاك أو يوصل إلى النجاة ، سائر فيهم{[43545]} على حسب ما أحدّه{[43546]} لك ، وأصل الإنذار الإعلام بموضع المخافة ليتقى{[43547]} ، لا{[43548]} أنك مثبت للإيمان في الصدور { ولكل قوم } ممن أرسلنا إليهم نبي { هاد * } أي داع يهديهم إلى مراشدهم ومنذر ينذرهم{[43549]} من مغاويهم{[43550]} ، أي يبين لهم ما{[43551]} أرسلناه به من النذارة والبشارة ، وأعطى كل منذر وهاد آيات تليق به وبقومه{[43552]} على مثلها يؤمن البشر ، فيهدي الله من يعلم فيه قابلية الهدى بما نصب من الآيات المشاهدات ، فلا يحتاج إلى شيء من المقترحات ، ويضل من يعلم فيه{[43553]} دواعي الضلال ولو جاءته كل آية ، لأنه الذي جبلهم{[43554]} على طبائع الخير والشر{ ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير }[ تبارك :14 ] فهو كقوله تعالى :{ وإن من أمة إلا خلا فيها نذير{[43555]} }[ فاطر :24 ] وكقوله في هذه السورة { ويقولون لولا أنزل عليه آية من ربه قل إن الله يضل من يشاء ويهدي إليه من أناب } والآية من الاحتباك : ذكر المنذر أولاً يدل على حذفه ثانياً ، وذكر الهاد ثانياً{[43556]} دال على حذف مثله أولاً .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.