المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَمَا ٱلۡحَيَوٰةُ ٱلدُّنۡيَآ إِلَّا لَعِبٞ وَلَهۡوٞۖ وَلَلدَّارُ ٱلۡأٓخِرَةُ خَيۡرٞ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَۚ أَفَلَا تَعۡقِلُونَ} (32)

32- وليست الحياة الدنيا التي حسب الكفار أنه لا حياة غيرها ، والتي لا يقصد بالعمل فيها مرضاة الله ، إلا لعباً لا نفع فيه ، ولهواً يتلهى به ! ! وأن الدار الآخرة لهي الحياة الحقيقية ، وهي أنفع للذين يخافون الله فيمتثلون أمره . أفلا تعقلون هذا الأمر الواضح ؟ ، أفلا تفهمون ما يضركم ولا ينفعكم ؟

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَمَا ٱلۡحَيَوٰةُ ٱلدُّنۡيَآ إِلَّا لَعِبٞ وَلَهۡوٞۖ وَلَلدَّارُ ٱلۡأٓخِرَةُ خَيۡرٞ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَۚ أَفَلَا تَعۡقِلُونَ} (32)

{ 32 } { وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ }

هذه حقيقة الدنيا وحقيقة الآخرة ، أما حقيقة الدنيا فإنها لعب ولهو ، لعب في الأبدان ولهو في القلوب ، فالقلوب لها والهة ، والنفوس لها عاشقة ، والهموم فيها متعلقة ، والاشتغال بها كلعب الصبيان .

وأما الآخرة ، فإنها { خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ } في ذاتها وصفاتها ، وبقائها ودوامها ، وفيها ما تشتهيه الأنفس ، وتلذ الأعين ، من نعيم القلوب والأرواح ، وكثرة السرور والأفراح ، ولكنها ليست لكل أحد ، وإنما هي للمتقين الذين يفعلون أوامر الله ، ويتركون نواهيه وزواجره { أَفَلَا تَعْقِلُونَ } أي : أفلا يكون لكم عقول ، بها تدركون ، أيّ الدارين أحق بالإيثار .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَمَا ٱلۡحَيَوٰةُ ٱلدُّنۡيَآ إِلَّا لَعِبٞ وَلَهۡوٞۖ وَلَلدَّارُ ٱلۡأٓخِرَةُ خَيۡرٞ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَۚ أَفَلَا تَعۡقِلُونَ} (32)

ثم عقد - سبحانه - مقابلة بين الحياة الدنيا والآخرة . بين فيها أن الحياة الآخرة هى الحياة العالية السامية الباقية ، أما الحياة الدنيا فهى إلى زوال وانتهاء فقال - تعالى - :

{ وَمَا الحياة الدنيآ إِلاَّ لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الآخرة خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } .

اللعب : هو العمل الذى لا يقصد به مقصداً صحيحاً من تحصيل منفعة أو دفع مضرة ، واللهو : هو طلب ما يشغل عن معالى الأمور وعما يهم الإنسان ويعنيه .

والمعنى : إن هذه الحياة التى نعتها الكفار بأنها لا حياة سواها ما هى إلا لهو ولعب لمن يطلبها بأنانية وشره من غير استعداد لما يكون وراءها من حياة أخرى فيها الحساب والجزاء ، وفيها النعيم الذى لاينتهى ، وفيها السعادة التى لا تحد ، بالنسبة للذين اتقوا ربهم ، ونهوا أنفسهم عن الهوى .

فالحياة الدنيا لعب ولهو لمن اتخذوها فرصة للتكاثر والتفاخر وجمع الأموال من حلال وحرام ، ولم يقيموا وزنا للأعمال الصالحة التى كلفهم الله - تعاىل - بها . أما بالنسبة للذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا . فإن الحياة الدنيا تعتبر وسيلة إلى رضا الله الذى يظفرون به يوم القيامة ، وإن ما يحصل عليه المؤمنون فى هذا اليوم من ثواب جزيل ومن نعيم مقيم هو خير من الدنيا وما فيها من متعة زائلة ومن شهوات لا دوام لها .

والاستفهام فى قوله - تعالى - { أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } للحث على التدبر والتفكر والموازنة بين اللذات العاجلة الفانية التى تكون فى الدنيا ، وبين النعيم الدائم الباقى الذى يكون فى الآخرة .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَمَا ٱلۡحَيَوٰةُ ٱلدُّنۡيَآ إِلَّا لَعِبٞ وَلَهۡوٞۖ وَلَلدَّارُ ٱلۡأٓخِرَةُ خَيۡرٞ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَۚ أَفَلَا تَعۡقِلُونَ} (32)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَمَا الْحَيَاةُ الدّنْيَآ إِلاّ لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدّارُ الاَخِرَةُ خَيْرٌ لّلّذِينَ يَتّقُونَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } . .

وهذا تكذيب من الله تعالى ذكره هؤلاء الكفار المنكرين البعث بعد الممات في قولهم إنْ هِيَ إلاّ حَياتُنا الدّنْيا وَما نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ ، يقول تعالى ذكره مكذبا لهم في قيلهم ذلك : ما الحَياةُ الدّنْيا أيها الناس ، إلاّ لَعِبٌ وَلهْوٌ يقول : ما باغي لذّات الحياة التي أدنيت لكم وقرّبت منكم في داركم هذه ونعيمها وسرورها فيها والمتلذّذ بها والمنافس عليها ، إلا في لعب ولهو لأنها عما قليل تزول عن المستمتع بها والمتلذّذ فيها بملاذها ، أو تأتيه الأيام بفجائعها وصروفها فتُمِرّ عليه وتكدرُ كاللاعب اللاهي الذي يسرع اضمحلال لهوه ولعبه عنه ، ثم يعقبه منه ندما ويورثه منه ترحا . يقول : لا تغترّوا أيها الناس بها ، فإن المغترّ بها عما قليل يندم . وللدّارُ الاَخِرَةُ خَيْرٌ للّذِينَ يَتّقُونَ يقول : وللعمل بطاعته والاستعداد للدار الاَخرة بالصالح من الأعمال التي تبقي منافعها لأهلها ويدوم سرور أهلها فيها ، خير من الدار التي تفني فلا يبقى لعمالها فيها سرور ولا يدوم لهم فيها نعيم . للّذِينَ يَتّقُونَ يقول : للذين يخشون الله فيتقونه بطاعته واجتناب معاصيه والمسارعة إلى رضاه . أفَلا تَعْقِلُونَ يقول : أفلا يعقل هؤلاء المكذّبون بالبعث حقيقة ما نخبرهم به من أن الحياة الدنيا لعب ولهو ، وهم يرون من يُخْترم منهم ومن ينهلك فيموت ومن تنوبه فيها النوائب وتصيبه المصائب وتفجعه الفجائع ؟ ففي ذلك لمن عقل مدّكر ومزدجر عن الركون إليها واستعباد النفس لها ، ودليل واضح على أن لها مدبرا ومصرفا يلزم الخلقَ إخلاصُ العبادة له بغير إشراك شيء سواه معه .