{ لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ الناس عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ . . . }
أخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير قال : بعث النجاشي وفدا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلموا ، قال : فأنزل الله فيهم : { لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ الناس عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ اليهود } إلى آخر الآية . قال : فرجعوا إلى النجاشي فأخبروه فأسلم النجاشي فلم يزل مسلما حتى مات ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن أخاكم النجاشي قد مات فصلوا عليه فصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة والنجاشي بالحبشه .
ثم قال ابن جرير بعد أن ساق روايات أخرى في سبب نزول هذه الآيات : والصواب في ذلك من القول عندي ، أن الله - تعالى - وصف صفة قوم قالوا : إنا نصارى ، وأن نبي الله صلى الله عليه وسلم يجدهم أقرب الناس مودة لأهل الإِيمان بالله ورسوله ، ولم يسم لنا أسماءهم وقد يجوز أن يكون أريد بذلك أصحاب النجاشي ويجوز أن يكون أريد به قوم كانوا على شريعة عيسى فأدركهم الإِسلام فأسلموا ، لما سمعوا القرآن ، وعرفوا أنه الحق ، ولم يستكبروا عنه .
فقوله - تعالى - { لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ الناس عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ اليهود والذين أَشْرَكُواْ } جملة مستأنفة لتقرير ما قبلها من آيات سجلت على اليهود كثيراً من الصفات القبيحة والمسالك الخبيثة .
وقد أكد - سبحانه - هذه الجملة بلا القسم اعتناء ببيان تحقق مضمونها ، والخطاب للنبي - صلى الله عليه وسلم ويصح أن يكون لكل من يصلح للخطاب للإِيذان بأن حالهم لا تخفى على أحد من الناس .
والمعنى : أقسم لك يا محمد بأنك عند مخالطتك للناس ودعوتهم إلى الدين الحق ، ستجد أشدهم عداوة لك ولأتباعك فريقين منهم : وهما اليهود والذين أشركوا ، لأن عداوتهم منشؤها الحقد والحسد والعناد والغرور . وهذه الرذائل متى تمكنت في النفس حالت بينها وبين الهداية والإِيمان بالحق .
وقوله { أَشَدَّ الناس } مفعول أول لقوله { لتجدن } ومفعول الثاني { اليهود } وقوله { عداوة } تمييز .
قال الآلوسي : والظاهر أن المراد من اليهود العموم ، أي من كان منهم بحضرة الرسول الله صلى الله عليه وسلم من يهود المدنية وغيرهم ويؤيده ما أخرجه أبو الشيخ وابن مردويه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ما خلا يهودي بمسلم إلا هم بقتله " وقيل المراد بهم يهود المدينة وفيه بعد ، وكما اختلف في عموم اليهود اختلف في عموم الذين أشركوا . والمراد من { الناس } كما قال أبو حيان - الكفار : أي لتجدن أشد الكفار عداوة هؤلاء .
ووصفهم - سبحانه - بذلك لشدة كفرهم ، وانهماكهم في اتباع الهوى ، وقربهم إلى التقليد ، وبعدهم عن التحقيق ، وتمرنهم على التمرد والاستعصاء على الأنبياء ، وقد قيل : إن من مذهب اليهود أنه يجب عليهم إيصال الشر إلى من يخالفهم في الدين بأي طريق كان وفي تقديم اليهود على المشركين إشعار بتقدمهم عليهم في العداوة .
وقوله : { وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الذين قالوا إِنَّا نصارى } معطوف على ما قبله لزيادة التوضيح والبيان .
أي : لتجدن يا محمد أشد الناس عداوة لك ولأتباعك - اليهود - والذين أشركوا . ولتجدن أقربهم مودة ومحبة لك ولأتباعك الذين قالوا إنا نصارى .
قال ابن كثير : أي الذين زعموا أنهم نصارى من أتباع المسيح وعلى منهاج إنجيله فيهم مودة للإِسلام وأهله في الجملة : وما ذاك إلا لما في قلوبهم - من لين عريكة - إذ كانوا على دين المسيح من الرقة والرأفة ، كما قال - تعالى - { وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الذين اتبعوه رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً } وفي كتابهم : " من ضربك على خدك الأيمن فأدر له خدك الأيسر " وليس القتال مشروعا في ملتهم .
وقال الجمل : فإن قلت : كفر النصارى أشد من كفر اليهود لأن النصارى ينازعون في الألوهية فيدعون أن لله ولدا ، واليهود ينازعون في النبوة فينكرون نبوة بعض الأنبياء فلم ذم اليهود ومدح النصارى ؟
قلت : هذا مدح في مقابلة ذم وليس مدحاً على إطلاقه ، وإيضاً الكلام في عداوة المسلمين وقرب مودتهم لا في شدة الكفر وضعفه .
وقوله : { ذلك بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَاناً وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ } تعليل لقرب مودة النصارى للمؤمنين .
والقسيسين : جمع قسيس . وأصله من قس إذا تتبع الشيء فطلبه ، وهم علماء النصارى والمرشدون لهم .
والرهبان : جمع رابه كركبان جمع راكب وتطلق كلمة رهبان على المفرد كما تطلق على الجمع ، والراهب هو الرجل العابد الزاهد المنصرف عن الدنيا ، مأخوذ من الرهبة بمعنى الخوف . يقال : رهب فلان ربه يرهبه ، أي : خافه .
والمعنى : ولتجدن يا محمد أقرب الناس مودة لك ولأتباعك الذين قالوا إنا نصارى ، وذلك لأن من القسيسين الذين يرغبون في طلب العلم ويرشدون غيرهم إليه ، ومنهم الرهبان الذين تفرغوا لعبادة الله وانصرفوا عن ملاذ الدنيا وشهواتهم وأيضاً فلأن هؤلاء الذين قالوا إنا نصارى من صفاتهم أنهم لا يستكبرون عن اتباع الحق والانقياد له إذا فهموه أو أنهم متواضعون وليسوا مغرورين أو متكبررين .
وفي ذلك تعريض باليهود والمشركين لأن غرورهم واتسكبارهم جعلهم ينصرفون عن الحق فاليهود يرون أنفسهم شعب الله المختار ، وأن النبوة يجب أن تكون فيهم والمشركون يرون أن النبوة يجب أن تكون في أغنيائهم وزعمائهم ، وقد حملهم هذا الغرور على الكفر بالنبي صلى الله عليه وسلم لأنهم وجدوا أكثر أتباعه من الفقراء .
قال الآلوسي : وفي الآية دليل على أن صفات التواضع والإِقبال على العلم والعمل والإِعراض عن الشهوات محمودة أينما كانت .
فقوله [ تعالى ]{[10195]} { لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا } ما ذاك إلا لأن كفر اليهود عناد وجحود ومباهتة للحق ، وغَمْط للناس وتَنَقص بحملة العلم . ولهذا قتلوا كثيرًا من الأنبياء حتى هموا بقتل رسول الله صلى الله عليه وسلم غير مرة وسحروه ، وألَّبوا عليه أشباههم من المشركين - عليهم لعائن الله المتتابعة{[10196]} إلى يوم القيامة .
وقال الحافظ أبو بكر بن مَرْدُويَه عند تفسير هذه الآية : حدثنا أحمد بن محمد بن السُّرِّي : حدثنا محمد بن علي بن حبيب الرَّقي ، حدثنا سعيد العلاف بن العلاف ، حدثنا أبو النَّضْر ، عن الأشجعي ، عن سفيان ، عن يحيى بن عبد الله عن أبيه ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما خلا يهودي قط بمسلم{[10197]} إلا هم{[10198]} بقتله " .
ثم رواه عن محمد بن أحمد بن إسحاق اليَشْكُرِي{[10199]} حدثنا أحمد بن سهل بن أيوب الأهوازي ، حدثنا فرج بن عبيد ، حدثنا عباد بن العوام ، عن يحيى بن عُبَيد الله ، عن أبيه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما خلا يهودي بمسلم إلا حدثت{[10200]} نفسه بقتله " . وهذا حديث غريب جدًا . {[10201]}
وقوله : { وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى } أي : الذين زعموا أنهم نصارى من أتباع المسيح وعلى منهاج إنجيله ، فيهم مودة للإسلام وأهله في الجملة ، وما ذاك إلا لما في قلوبهم ، إذ كانوا على دين المسيح من الرقة والرأفة ، كما قال تعالى : { وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً } [ الحديد : 27 ] وفي كتابهم : من ضربك على خدك الأيمن فأدر له خدك الأيسر . وليس{[10202]} القتال مشروعًا في ملتهم ؛ ولهذا قال تعالى : { ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ } أي : يوجد فيهم القسيسون - وهم خطباؤهم وعلماؤهم ، واحدهم : قسيس وقَس أيضًا ، وقد يجمع على قسوس - والرهبان : جمع راهب ، وهو : العابد . مشتق من الرهبة ، وهي{[10203]} الخوف كراكب وركبان ، وفارس وفرسان .
وقال ابن جرير : وقد يكون الرهبان واحدًا وجَمْعُه رهابين ، مثل قربان وقرابين ، وجُرْدان وجَرَادين{[10204]} وقد يجمع{[10205]} على رهابنة . ومن الدليل على أنه يكون عند العرب واحدًا قول الشاعر :
لَوْ عَاينَتْ{[10206]} رُهْبان دَيْر في القُلَل *** لانْحدَر الرُّهْبَان يَمْشي ونزل{[10207]}
وقال الحافظ أبو بكر البزار : حدثنا بِشْر بن آدم ، حدثنا نُصَير بن أبي الأشعث ، حدثني الصلت الدهان ، عن حامية بن رئاب قال : سألت سلمان عن قول الله [ عز وجل ] :{[10208]} { ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا } فقال : دع " القسيسين " في البيع والخرب ، أقرأني رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ذلك بأن منهم صديقين ورهبانا " . {[10209]}
وكذا رواه ابن مردويه من طريق يحيى بن عبد الحميد الحمَّاني ، عن نُصير بن زياد الطائي ، عن صَلْت الدهان ، عن حامية بن رِئَاب ، عن سلمان ، به .
وقال ابن أبي حاتم : ذكره أبي ، حدثنا يحيى بن عبد الحميد الحمَّاني ، حدثنا نُصَير بن زياد الطائي ، حدثنا صلت الدهان ، عن حامية بن رئاب قال : سمعت سلمان وسئل عن قوله : { ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا } قال : هم الرهبان الذين هم في الصوامع والخرَب ، فدعوهم فيها ، قال سلمان : وقرأت{[10210]} على النبي صلى الله عليه وسلم { ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ [ وَرُهْبَانًا ] }{[10211]} فأقرأني : " ذلك بأن منهم صديقين ورهبانا " . {[10212]}
فقوله : { ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ } تضمن وصفهم بأن فيهم العلم والعبادة والتواضع ،
{ لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا } لشدة شكيمتهم وتضاعف كفرهم وانهماكهم في اتباع الهوى ، وركونهم إلى التقليد وبعدهم عن التحقيق ، وتمرنهم على تكذيب الأنبياء ومعاداتهم . { ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى } للين جانبهم ورقة قلوبهم وقلة حرصهم على الدنيا وكثرة اهتمامهم بالعلم والعمل وإليه أشار بقوله : { ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا وأنهم لا يستكبرون } عن قبول الحق إذا فهموه ، أو يتواضعون ولا يتكبرون كاليهود . وفيه دليل على أن التواضع والإقبال على العلم والعمل والإعراض عن الشهوات محمود وإن كانت من كافر .
اللام في قوله { لتجدن } لام الابتداء ، وقال الزجّاج هي لام قسم ، ودخلت هذه النون الثقيلة لتفصل بين الحال والاستقبال{[4651]} .
وهذا خبر مطلق منسحب على الزمن كله ، وهكذا هو الأمر حتى الآن ، وذلك أن اليهود َمَرنوا{[4652]} على تكذيب الأنبياء وقتلهم ، وَدِربوا العتو والمعاصي{[4653]} وَمَردوا{[4654]} على استشعار اللعنة وضرب الذلة والمسكنة ، فهم قد لحجت{[4655]} عداواتهم وكثر حسدهم ، فهم أشد الناس عداوة للمؤمنين وكذلك المشركون عبدة الأوثان من العرب والنيران من المجوس لأن الإيمان إياهم كَّفر وعروشهم ثَّل{[4656]} ، وبين أنهم ليسوا على شيء من أول أمرهم فلم يبق لهم بقية فعداوتهم شديدة . والنصارى أهل الكتاب يقضي لهم شرعنا بأن أول أمرهم صحيح لولا أنهم ضلوا ، فهم يعتقدون أنهم لم يضلوا وأن هذه الآية لم تنسخ شرعهم{[4657]} ، ويعظمون من أهل الإسلام من استشعروا منه صحة دين ، ويستهينون من فهموا منه الفسق ، فهم إذا حاربوا فإنما حربهم أنفة وكسب لا أن شرعهم يأخذهم بذلك ، وإذا سالموا فسلمهم صاف ، ويعين على هذا أنهم أمة شريفة الخلق ، لهم الوفاء والخلال الأربع التي ذكر عمرو بن العاصي في صحيح مسلم{[4658]} ، وتأمل أن النبي صلى الله عليه وسلم سر حين غلبت الروم فارس ، وذلك لكونهم أهل كتاب ، ولم يرد عليه السلام أن يستمر ظهور الروم وإنما ُسَّر بغلبة أهل كتاب لأهل عبادة النار ، وانضاف إلى ذلك أن غلب العدو الأصغر وانكسرت شوكة العدو الأكبر المخوف على الإسلام ، واليهود لعنهم الله ليسوا على شيء من هذه الخلق بل شأنهم الخبث والليّ بالألسنة ، وفي خلال إحسانك إلى اليهودي يبغيك هو الغوائل{[4659]} إلا الشاذ القليل منهم ممن عسى أن تخصص بأدب وأمور غير ما علم أولا . ولم يصف الله تعالى النصارى بأنهم أهل ود وإنما وصفهم بأنهم أقرب من اليهود والمشركين ، فهو قرب مودة بالنسبة إلى متباعدين ، وفي قوله تعالى : { الذين قالوا إنا نصارى } إشارة إلى أن المعاصرين لمحمد صلى الله عليه وسلم من النصارى ليسوا على حقيقة النصرانية بل كونهم نصارى قول منهم وزعم ، وقوله تعالى : { ذلك بأن منهم قسيسين ورهباناً } معناه ذلك بأن منهم بأن منهم أهل خشية وانقطاع إلى الله وعبادة وإن لم يكونوا على هدى ، فهم يميلون إلى أهل العبادة والخشية وليس عند اليهود ولا كان قط أهل ديارات وصوامع وانقطاع عن الدنيا ، بل هم معظمون لها متطاولون في البنيان وأمور الدنيا حتى كأنهم لا يؤمنون بالآخرة ، فلذلك لا يرى فيهم زاهد ، ويقال «قس » بفتح القاف وبكسرها وقسيس وهو اسم أعجمي عرّب ، والقس في كلام العرب النميمة وليس من هذا{[4660]} .
وأما الرهبان فجمع راهب . وهذه تسمية عربية والرهب الخوف ، ومن الشواهد على أن الرهبان جمع قول الشاعر جرير :
رهبان مدين لو رأوك تنزلوا *** والعصم من شغف العقول الفادر{[4661]}
وقد قيل الرهبان اسم مفرد والدليل عليه قول الشاعر :
لو عاينت رهبان دير في القلل تحدَّر الرهبان يمشي ونزل{[4662]}
قال القاضي أبو محمد : ويروى و «يزل » بالياء من الزلل ، وهذه الرواية أبلغ في معنى غلبة هذه المرأة على ذهن هذا الراهب ، ووصف الله تعالى النصارى بأنهم لا يستكبرون ، وهذا بين موجود فيهم حتى الآن ، واليهودي متى وجد غروراً طغى وتكبر ، وإنما أذلهم الله وأضرعتهم الحمى وداسهم كلكل الشريعة ودين الإسلام أعلاه الله ، وذكر سعيد بن جبير ومجاهد وابن عباس أن هذه الآية نزلت بسبب وفد بعثهم النجاشي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليروه ويعرفوا حاله ، فقرأ النبي صلى الله عليه وسلم عليهم القرآن وآمنوا ورجعوا إلى النجاشي فآمن ، ولم يزل مؤمناً حتى مات فصلى عليه النبي صلى الله عليه وسلم .
قال القاضي أبو محمد : وروي أن نعش النجاشي كشف للنبي صلى الله عليه وسلم فكان يراه من موضعه بالمدينة وجاء الخبر بعد مدة أن النجاشي دفن في اليوم الذي صلى فيه النبي صلى الله عليه وسلم عليه ، وذكر السدي : أنهم كانوا اثني عشر : سبعة عليهم ثياب الصوف وكلهم صاحب صومعة اختارهم النجاشي الخِّير فالخِّير ، وذكر السدي : أن النجاشي خرج مهاجراً فمات في الطريق .
قال القاضي أبو محمد : وهذا ضعيف لم يذكره أحد من العلماء بالسيرة ، وقال قتادة : نزلت هذه الآيات في قوم كانوا مؤمنين ثم آمنوا بمحمد عليه السلام .
قال القاضي أبو محمد : وفرق الطبري بين هذين القولين وهما واحد ، وروى سلمان الفارسي عن النبي صلى الله عليه وسلم ذلك بأن منهم صديقين ورهباناً{[4663]} .