وصف الله شدّة شكيمة اليهود وصعوبة إجابتهم إلى الحق ولين عريكة النصارى وسهولة ارعوائهم وميلهم إلى الإسلام ، وجعل اليهود قرناء المشركين في شدّة العداوة للمؤمنين ، بل نبه على تقدّم قدمهم فيها بتقديمهم على الذين أشركوا ، وكذلك فعل في قوله : { وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ الناس على حياة وَمِنَ الذين أَشْرَكُواْ } [ البقرة : 96 ] ولعمري إنهم لكذلك وأشدّ . وعن النبيّ صلى الله عليه وسلم : " ما خلا يهوديان بمسلم إلا هما بقتله " وعلل سهولة مأخذ النصارى وقرب مودّتهم للمؤمنين { بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسّيسِينَ وَرُهْبَاناً } أي علماء وعباداً { وَإِنَّهُمْ } قوم فيهم تواضع واستكانة ولا كبر فيهم ، واليهود على خلاف ذلك . وفيه دليل بين على أنّ التعلم أنفع شيء وأهداه إلى الخير وأدله على الفوز حتى علم القسيسين ، وكذلك غم الآخرة والتحدّث بالعاقبة وإن كان في راهب ، والبراءة من الكبر وإن كانت في نصراني . ووصفهم الله برقة القلوب وأنهم يبكون عند استماع القرآن ، وذلك نحو ما يحكى عن النجاشيّ رضي الله عنه أنه قال لجعفر بن أبي طالب - حين اجتمع في مجلسه المهاجرون إلى الحبشة والمشركون لعنوا وهم يغرونه عليهم ويتطلبون عنتهم عنده - : هل في كتابكم ذكر مريم ؟ قال جعفر : فيه سورة تنسب إليها ، فقرأها إلى قوله : { ذلك عِيسَى ابن مَرْيَمَ } [ مريم : 34 ] وقرأ سورة طه إلى قوله : { وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ موسى } [ طه : 9 ] فبكى النجاشي وكذلك فعل قومه الذين وفدوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم سبعون رجلاً حين قرأ عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم سورة يس . فبكوا .
فإن قلت : بم تعلقت اللام في قوله : { لِلَّذِينَ ءامَنُواْ } ؟ قلت : بعداوة ومودّة ، على أنّ عداوة اليهود التي اختصت المؤمنين أشدّ العداوات وأظهرها ، وأن مودّة النصارى التي اختصت المؤمنين أقرب المودّات ، وأدناها وجوداً ، وأسهلها حصولاً . ووصف اليهود بالعداوة والنصارى بالمودّة مما يؤذن بالتفاوت ، ثم وصف العداوة والمودّة بالأشدّ والأقرب .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.