النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{۞لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ ٱلنَّاسِ عَدَٰوَةٗ لِّلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱلۡيَهُودَ وَٱلَّذِينَ أَشۡرَكُواْۖ وَلَتَجِدَنَّ أَقۡرَبَهُم مَّوَدَّةٗ لِّلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱلَّذِينَ قَالُوٓاْ إِنَّا نَصَٰرَىٰۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّ مِنۡهُمۡ قِسِّيسِينَ وَرُهۡبَانٗا وَأَنَّهُمۡ لَا يَسۡتَكۡبِرُونَ} (82)

قوله تعالى : { لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً للَّذِينَ ءَامَنُوا اليَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا }

يعني عبدة الأوثان من العرب ، تَمَالأَ الفريقان على عداوة النبي صلى الله عليه وسلم .

{ وَلَتَجِدَنَّ أَقرَبَهُم مَّوَدَّةً للَّذِينَ ءَامنوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارى } ليس هذا على العموم ، وإنما هو خاص ، وفيه قولان :

أحدهما : عنى بذلك النجاشي وأصحابه لَما أَسْلَمُوا ، قاله ابن عباس ، وسعيد بن جبير .

والثاني : أنهم قوم من النصارى كانوا على الحق متمسكين بشريعة عيسى عليه السلام ، فَلَمَّا بُعِثَ محمد صلى الله عليه وسلم آمنوا به ، قاله قتادة .

{ ذَلِكَ بِأَنَّ مِنهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَاناً } واحد القسيسين قس{[820]} ، من قس وهم العباد . وواحد الرهبان راهب ، وهم الزهاد .

{ وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ } يعني عن الإِذعان للحق إذا لزم ، وللحجة إذا قامت .


[820]:- قس الشيء: بمعنى تتبعه فطلبه، والقسيس يتبع العلماء والعباد.