المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{فَلَمَّآ أَن جَآءَ ٱلۡبَشِيرُ أَلۡقَىٰهُ عَلَىٰ وَجۡهِهِۦ فَٱرۡتَدَّ بَصِيرٗاۖ قَالَ أَلَمۡ أَقُل لَّكُمۡ إِنِّيٓ أَعۡلَمُ مِنَ ٱللَّهِ مَا لَا تَعۡلَمُونَ} (96)

96- واستمر على أمله منتظرا رحمة اللَّه ، واستمر أهله على سوء الظن به إلى أن أتاه منْ يحمل القميص ويبشره بسلامة يوسف ، فحين طرح القميص على وجه يعقوب نفحته رائحة يوسف وغمرت قلبه الفرحة ، فعاد إليه بصره ، ولما حدثه الرسول بحال يوسف ، وأنه يطلب رحلته إليه بأهله ، اتجه إلى من حوله يذكرهم بنبوءته ، ويُعاتبهم على تكذيبه ، ويوجه أذهانهم إلى ذكر ما أكده لهم آنفا من أنه يدرك من رحمة اللَّه وفضله ما لا يُدْرِكون .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{فَلَمَّآ أَن جَآءَ ٱلۡبَشِيرُ أَلۡقَىٰهُ عَلَىٰ وَجۡهِهِۦ فَٱرۡتَدَّ بَصِيرٗاۖ قَالَ أَلَمۡ أَقُل لَّكُمۡ إِنِّيٓ أَعۡلَمُ مِنَ ٱللَّهِ مَا لَا تَعۡلَمُونَ} (96)

وتحقق ما وجده يعقوب من رائحة يوسف . . وحل أوان المفاجأة التي حكاها القرآن في قوله { فَلَمَّآ أَن جَآءَ البشير أَلْقَاهُ على وَجْهِهِ فارتد بَصِيراً قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَّكُمْ إني أَعْلَمُ مِنَ الله مَا لاَ تَعْلَمُونَ } .

أى : وحين أقترب أبناء يعقوب من دار أبيهم ، تقدم البشير الذي يحمل قميص يوسف إلى يعقوب ، فألقى القميص على وجهه فعاد إلى يعقوب بصره كأن لم يكن به ضعف أو مرض من قبل ذلك .

وهذه معجزة أكرم الله - تعالى - بها نبيه يعقوب - عليه السلام - حيث رد إليه بصره بسبب إلقاء قميص يوسف على وجهه .

وهنا قال يعقوب لأبنائه ولمن أنكر عليه قوله { إِنِّي لأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ } { أَلَمْ أَقُلْ } قبل ذلك { إني أَعْلَمُ مِنَ الله } أى : من رحمته وفضله وإحسانه { مَا لاَ تَعْلَمُونَ } أنتم .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{فَلَمَّآ أَن جَآءَ ٱلۡبَشِيرُ أَلۡقَىٰهُ عَلَىٰ وَجۡهِهِۦ فَٱرۡتَدَّ بَصِيرٗاۖ قَالَ أَلَمۡ أَقُل لَّكُمۡ إِنِّيٓ أَعۡلَمُ مِنَ ٱللَّهِ مَا لَا تَعۡلَمُونَ} (96)

ولكن المفاجأة البعيدة تقع ، وتتبعها مفاجأة أخرى :

( فلما أن جاء البشير ألقاه على وجهه ، فارتد بصيرا ) . .

مفاجأة القميص . وهو دليل على يوسف وقرب لقياه . ومفاجأة ارتداد البصر بعد ما ابيضت عيناه . . وهنا يذكر يعقوب حقيقة ما يعلمه من ربه . تلك التي حدثهم بها من قبل فلم يفهموه :

( قال : ألم أقل لكم : إني أعلم من الله ما لا تعلمون ؟ ) . .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{فَلَمَّآ أَن جَآءَ ٱلۡبَشِيرُ أَلۡقَىٰهُ عَلَىٰ وَجۡهِهِۦ فَٱرۡتَدَّ بَصِيرٗاۖ قَالَ أَلَمۡ أَقُل لَّكُمۡ إِنِّيٓ أَعۡلَمُ مِنَ ٱللَّهِ مَا لَا تَعۡلَمُونَ} (96)

فَلَمَّا أَنْ جَاءَ الْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيرًا قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ( 96 ) قَالُوا يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ ( 97 ) قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ( 98 ) فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ آَوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آَمِنِينَ ( 99 )

روي عن ابن عباس : أن { البشير } كان يهوذا لأنه كان جاء بقميص الدم .

قال القاضي أبو محمد : حدثني أبي رضي الله عنه قال : سمعت الواعظ أبا الفضل بن الجوهري على المنبر بمصر يقول : إن يوسف عليه السلام لما قال : { اذهبوا بقميصي هذا فألقوه على وجه أبي } [ يوسف : 93 ] قال يهوذا لإخوته : قد علمتم أني ذهبت إليه بقميص الَّترحة فدعوني أذهب إليه بقميص الفرحة ؛ فتركوه وذلك . وقال هذا المعنى السدي . و { ارتد } معناه : رجع هو ، يقال : ارتد الرجل ورده غيره ، و { بصيرا } معناه : مبصراً ، ثم وقفهم على قوله : { إني أعلم من الله ما لا تعلمون } وهذا - والله أعلم - هو انتظاره لتأويل الرؤيا - ويحتمل أن يشير إلى حسن ظنه بالله تعالى فقط .

وروي : أنه قال للبشير : على أي دين تركت يوسف ؟ قال : على الإسلام قال : الحمد لله ، الآن كملت النعمة .

وفي مصحف ابن مسعود : «فلما أن جاء البشير من بين يدي العير » ، وحكى الطبري عن بعض النحويين أنه قال : { أن } في قوله : { فلما أن جاء البشير } زائدة ، والعرب تزيدها أحياناً في الكلام بعد لما وبعد حتى فقط ، تقول : لما جئت كان كذا ، ولما أن جئت ، وكذلك تقول : ما قام زيد حتى قمت ، وحتى أن قمت .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{فَلَمَّآ أَن جَآءَ ٱلۡبَشِيرُ أَلۡقَىٰهُ عَلَىٰ وَجۡهِهِۦ فَٱرۡتَدَّ بَصِيرٗاۖ قَالَ أَلَمۡ أَقُل لَّكُمۡ إِنِّيٓ أَعۡلَمُ مِنَ ٱللَّهِ مَا لَا تَعۡلَمُونَ} (96)

{ فلما أن جاءه البشير ألقاه على وجهه فارتد بصسرا } .

{ أن } في قوله : { فلما أن جاء البشير } مزيدة للتأكيد . ووقوع { أنْ } بعد { لمّا } التوقيتية كثير في الكلام كما في « مغني اللّبيب » .

وفائدة التأكيد في هذه الآية تحقيق هذه الكرامة الحاصلة ليعقوب عليه السلام لأنها خارق عادة ، ولذلك لم يؤت ب { أن } في نظائر هذه الآية مما لم يكن فيه داع للتأكيد .

والبشير : فعيل بمعنى مُفعل ، أي المُبشر ، مثل السميع في قول عمرو بن معديكرب :

أمِن ريحانة الداعي السميع

والتبشير : المبادرة بإبلاغ الخبر المسرّ بقصد إدخال السرور . وتقدم عند قوله تعالى : { يبشرّهم ربهم برحمة منه } في سورة براءة ( 21 ) . وهذا البشير هو يهوذا بن يعقوب عليه السلام تقدم بين يدي العِير ليكون أول من يخبر أباه بخبر يوسف عليه السلام .

وارتد : رجع ، وهو افتعال مطاوع ردّه ، أي رد الله إليه قوة بصره كرامة له وليوسف عليهما السلام وخارق للعادة . وقد أشرت إلى ذلك عند قوله تعالى : { وابيضّت عيناه من الحزن } [ سورة يوسف : 84 ] .

{ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَّكُمْ إنى أَعْلَمُ مِنَ الله مَا لاَ تَعْلَمُونَ }

جواب للبشارة لأنها تضمنت القول ، ولذلك جاء فعل { قال } مفصولاً غير معطوف لأنه على طريقة المحاورات ، وكان بقية أبنائه قد دخلوا فخاطبهم بقوله : { ألم أقل لكم إني أعلم من الله ما لا تعلمون } فبيّن لهم مجمل كلامه الذي أجابهم به حين قالوا : { تالله تفتأ تذكر يوسف } [ يوسف : 85 ] الخ .