إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{فَلَمَّآ أَن جَآءَ ٱلۡبَشِيرُ أَلۡقَىٰهُ عَلَىٰ وَجۡهِهِۦ فَٱرۡتَدَّ بَصِيرٗاۖ قَالَ أَلَمۡ أَقُل لَّكُمۡ إِنِّيٓ أَعۡلَمُ مِنَ ٱللَّهِ مَا لَا تَعۡلَمُونَ} (96)

{ فَلَمَّا أَن جَاء البشير } وهو يهوذا { أَلْقَاهُ } أي ألقى البشيرُ القميصَ { على وَجْهِهِ } أي وجه يعقوب أو ألقاه يعقوبُ على وجه نفسه { فارتد } عاد { بَصِيراً } لما انتعش فيه من القوة { قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَّكُمْ } يعني قولَه : إني لأجد ريحَ يوسف ، فالخطابُ لمن كان عنده بكنعان أو قولَه : ولا تيأسوا من رَوْح الله فالخطابُ لبنيه وهو الأنسب بقوله : { إني أَعْلَمُ مِنَ الله مَا لاَ تَعْلَمُونَ } فإن مدارَ النهي المذكورِ إنما هو العلمُ الذي أوتي يعقوبُ من جهة الله سبحانه وعلى هذا يجوز أن يكون هذا مقولَ القولِ أي ألم أقل لكم حين أرسلتكم إلى مصرَ وأمرتُكم بالتحسس ونهيتُكم عن اليأس من رَوْح الله تعالى وأعلم من الله ما لا تعلمون من حياة يوسف عليه الصلاة والسلام . روي أنه سأل البشيرَ : كيف يوسف ؟ فقال : هو ملِكُ مصرَ ، قال : ما أصنع بالمُلك ، على أي دينٍ تركتَه ؟ قال : على دين الإسلام ، قال : الآن تمت النِّعمة .