المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{نَّحۡنُ أَعۡلَمُ بِمَا يَقُولُونَۖ وَمَآ أَنتَ عَلَيۡهِم بِجَبَّارٖۖ فَذَكِّرۡ بِٱلۡقُرۡءَانِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ} (45)

45- نحن أعلم بكل ما يقولون من الأكاذيب في شأن رسالتك ، وما أنت عليهم بمسلط تجبرهم على ما تريد ، وإنما أنت منذر ، فذكر بالقرآن المؤمن الذي يخاف عقابي ، فتنفعه الذكرى .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{نَّحۡنُ أَعۡلَمُ بِمَا يَقُولُونَۖ وَمَآ أَنتَ عَلَيۡهِم بِجَبَّارٖۖ فَذَكِّرۡ بِٱلۡقُرۡءَانِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ} (45)

ثم ختم - سبحانه - السورة الكريمة بهذه الآية التى فيها من التسلية للرسول - صلى الله عليه وسلم - ومن التحديد الدقيق لوظيفته ، فقال - تعالى - : { نَّحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ وَمَآ أَنتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بالقرآن مَن يَخَافُ وَعِيدِ } .

أى : نحن - أيها الرسول الكريم - أعلم بما يقوله هؤلاء المشركون فى شأنك وفى شأن دعوتك ، وسنجازيهم على ذلك بما يستحقونه من عقاب ، فاصبر على أقوالهم ، وبلغ رسالة ربك دون أن تخشى أحدا سواه .

وأنت لست بمسلط عليهم لتجبرهم على اتباعك ، وتقهرهم على الدخول فى الإِسلام ، وإنما وظيفتك التذكير بهذا القرآن لمن يخشى عذابى ، ويخاف وعيدى .

كما قال - سبحانه - : { فَذَكِّرْ إِنَّمَآ أَنتَ مُذَكِّرٌ لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ } وكما قال - تعالى - : { وَإِن مَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الذي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ البلاغ وَعَلَيْنَا الحساب } وبعد فهذا تفسير محرر لسورة " ق " التى حفظها بعض الصحابة من فم النبى - صلى الله عليه وسلم - خلال تكراره لها فى خطب الجمعة .

نسأل الله - تعالى - أن يجعل القرآن ربيع قلوبنا ، وأنس نفوسنا .

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى ىله وصحبه وسلم .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{نَّحۡنُ أَعۡلَمُ بِمَا يَقُولُونَۖ وَمَآ أَنتَ عَلَيۡهِم بِجَبَّارٖۖ فَذَكِّرۡ بِٱلۡقُرۡءَانِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ} (45)

وفي ظلال هذا المشهد كذلك يتوجه بالتثبيت للرسول [ صلى الله عليه وسلم ] تجاه جدلهم وتكذيبهم في هذه الحقيقة الواضحة المشهودة بعين الضمير :

( نحن أعلم بما يقولون . وما أنت عليهم بجبار . فذكر بالقرآن من يخاف وعيد ) . .

( نحن أعلم بما يقولون ) . . وهذا حسبك . فللعلم عواقبه عليهم . . وهو تهديد مخيف ملفوف .

( وما أنت عليهم بجبار ) . . فترغمهم على الإيمان والتصديق . فالأمر في هذا ليس إليك . إنما هو لنا نحن ، ونحن عليهم رقباء وبهم موكلون . .

( فذكر بالقرآن من يخاف وعيد ) . . والقرآن يهز القلوب ويزلزلها فلا يثبت له قلب يعي ويخاف ما يواجهه به من حقائق ترجف لها القلوب . على ذلك النحو العجيب .

وحين تعرض مثل هذه السورة ، فإنها لا تحتاج إلى جبار يلوي الأعناق على الإيمان . ففيها من القوة والسلطان ما لا يملكه الجبارون . وفيها من الإيقاعات على القلب البشري ما هو أشد من سياط الجبارين ! وصدق الله العظيم . .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{نَّحۡنُ أَعۡلَمُ بِمَا يَقُولُونَۖ وَمَآ أَنتَ عَلَيۡهِم بِجَبَّارٖۖ فَذَكِّرۡ بِٱلۡقُرۡءَانِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ} (45)

وقوله : { نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ } أي : نحن علمنا محيط بما يقول لك المشركون من التكذيب فلا يهيدنك ذلك ، كقوله [ تعالى ] {[27386]} : { وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ . وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ } [ الحجر : 97 - 99 ] .

وقوله : { وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ } أي : ولست بالذي تجبر هؤلاء على الهدى ، وليس ذلك ما كلفت به .

وقال مجاهد ، وقتادة ، والضحاك : { وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ } أي : لا تتجبر عليهم .

والقول الأول أولى ، ولو أراد ما قالوه لقال : ولا تكن جبارًا عليهم ، وإنما قال : { وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ } بمعنى : وما أنت بمجبرهم على الإيمان إنما أنت مبلغ .

قال الفراء : سمعت العرب تقول : جبر فلان فلانا على كذا{[27387]} ، بمعنى أجبره {[27388]} .

ثم قال تعالى : { فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ } أي : بلغ أنت رسالة ربك ، فإنما {[27389]} يتذكر من يخاف الله ووعيده ويرجو وعده ، كقوله [ تعالى ] {[27390]} : { فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ } [ الرعد : 40 ] ، وقوله : { فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ } [ الغاشية : 21 ، 22 ] ، { لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ } [ البقرة : 272 ] ، { إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ } [ القصص : 56 ] ، ولهذا قال هاهنا : { وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ } كان قتادة يقول : اللهم ، اجعلنا ممن يخاف وعيدك ، ويرجو موعودك ، يا بار ، يا رحيم .

آخر تفسير سورة( ق ) ، والحمد لله وحده ، وحسبنا الله ونعم الوكيل


[27386]:- (1) زيادة من م.
[27387]:- (2) في م: "جبر فلان على فلان كذا".
[27388]:- (3) انظر تفسير الطبري (26/115).
[27389]:- (4) في م: "فأما".
[27390]:- (5) زيادة من م.
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{نَّحۡنُ أَعۡلَمُ بِمَا يَقُولُونَۖ وَمَآ أَنتَ عَلَيۡهِم بِجَبَّارٖۖ فَذَكِّرۡ بِٱلۡقُرۡءَانِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ} (45)

استئناف بياني ناشىء عن قوله { فاصبر على ما يقولون } [ ق : 39 ] فهو إيغال في تسلية النبي صلى الله عليه وسلم وتعريض بوعيدهم ، فالخبر مستعمل مجازاً في وعد الرسول صلى الله عليه وسلم بأن الله سيعاقب أعداءه .

وقوله : { وما أنت عليهم بجبار } تطمين للرسول صلى الله عليه وسلم بأنه غير مسؤول عن عدم اهتدائهم لأنه إنما بُعث داعياً وهادياً ، وليس مبعوثاً لإرغامهم على الإيمان ، والجبّار مشتق من جبره على الأمر بمعنى أكرهه . وفرع عليه أمره بالتذكير لأنه ناشىء عن نفي كونه جبّاراً عليهم وهذا كقوله تعالى : { فذكّر إنما أنت مذكّر لستَ عليهم بمسيطر } [ الغاشية : 21 ، 22 ] ، ولكن خصّ التذكير هنا بالمؤمنين لأنه أراد التذكير الذي ينفع المذكَّر . فالمعنى : فذكر بالقرآن فيتذكّر مَن يخاف وعيد . وهذا كقوله : { إنما أنت منذر من يخشاها } [ النازعات : 45 ] .

وكتب في المصحف { وعيد } بدون ياء المتكلم فقرأه الجمهور بدون ياء في الوصل والوقف على أنه من حذف التخفيف . وقرأه ورش عن نافع بإثبات الياء في الوصل . وقرأه يعقوب بإثبات الياء في الوصل والوقف .