المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَلَوۡ يُؤَاخِذُ ٱللَّهُ ٱلنَّاسَ بِمَا كَسَبُواْ مَا تَرَكَ عَلَىٰ ظَهۡرِهَا مِن دَآبَّةٖ وَلَٰكِن يُؤَخِّرُهُمۡ إِلَىٰٓ أَجَلٖ مُّسَمّٗىۖ فَإِذَا جَآءَ أَجَلُهُمۡ فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِۦ بَصِيرَۢا} (45)

45- ولو يعاقب الله الناس في الدنيا لعم العقاب ، وما ترك على ظهر الأرض دابة ، لصدور الذنوب منهم جميعاً ، ولكن يؤخر عقابهم إلى زمن معين هو يوم القيامة ، فإذا جاء أجلهم المضروب لهم فسيجازيهم بكل دقة ، لأنه كان بأعمال عباده بصيراً ، لا يخفى عليه شيء منها .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَلَوۡ يُؤَاخِذُ ٱللَّهُ ٱلنَّاسَ بِمَا كَسَبُواْ مَا تَرَكَ عَلَىٰ ظَهۡرِهَا مِن دَآبَّةٖ وَلَٰكِن يُؤَخِّرُهُمۡ إِلَىٰٓ أَجَلٖ مُّسَمّٗىۖ فَإِذَا جَآءَ أَجَلُهُمۡ فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِۦ بَصِيرَۢا} (45)

ثم ختم - سبحانه - السورة الكريمة ببيان جانب من رحمته بعباده فقال { وَلَوْ يُؤَاخِذُ الله الناس بِمَا كَسَبُواْ } من الذنوب أو الخطايا .

{ مَا تَرَكَ على ظَهْرِهَا } أى : على ظهر الأرض { مِن دَآبَّةٍ } من الدواب التى تدب عليها . { ولكن يُؤَخِّرُهُمْ إلى أَجَلٍ مُّسَمًّى } وهو يوم القيامة .

{ فَإِذَا جَآءَ أَجَلُهُمْ } الذى حدده - سبحانه - لحسابهم ، جازاهم بما يستحقون { فَإِنَّ الله كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيراً } أى : لا يخفى عليه شئ من أحوالهم . وبعد فهذا تفسير لسورة فاطر . نسأل الله - تعالى - أن يجعله خالصاً لوجهه ، ونافعاً لعباده .

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَلَوۡ يُؤَاخِذُ ٱللَّهُ ٱلنَّاسَ بِمَا كَسَبُواْ مَا تَرَكَ عَلَىٰ ظَهۡرِهَا مِن دَآبَّةٖ وَلَٰكِن يُؤَخِّرُهُمۡ إِلَىٰٓ أَجَلٖ مُّسَمّٗىۖ فَإِذَا جَآءَ أَجَلُهُمۡ فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِۦ بَصِيرَۢا} (45)

39

وأخيراً يجيء ختام السورة ، يكشف عن حلم الله ورحمته إلى جانب قوته وقدرته ؛ ويؤكد أن إمهال الناس عن حلم وعن رحمة ، لا يؤثر في دقة الحساب وعدل الجزاء في النهاية :

( ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة . ولكن يؤخرهم إلى أجل مسمى . فإذا جاء أجلهم فإن الله كان بعباده بصيراً ) . .

إن ما يرتكبه الناس من كفر لنعمة الله ، ومن شر في الأرض وفساد ، ومن ظلم في الأرض وطغيان . إن هذا كله لفظيع شنيع ولو يؤاخذ الله الناس به ، لتجاوزهم - لضخامته وشناعته وبشاعته - إلى كل حي على ظهر هذه الأرض . ولأصبحت الأرض كلها غير صالحة للحياة إطلاقاً . لا لحياة البشر فحسب ، ولكن لكل حياة أخرى !

والتعبير على هذا النحو يبرز شناعة ما يكسب الناس وبشاعته وأثره المفسد المدمر للحياة كلها لو آخذهم الله به مؤاخذة سريعة .

غير أن الله حليم لا يعجل على الناس :

( ولكن يؤخرهم إلى أجل مسمى ) . .

يؤخرهم أفراداً إلى أجلهم الفردي حتى تنقضي أعمارهم في الدنيا . ويؤخرهم جماعات إلى أجلهم في الخلافة المقدرة لهم حتى يسلموها إلى جيل آخر . ويؤخرهم جنساً إلى أجلهم المحدد لعمر هذا العالم ومجيء الساعة الكبرى . ويفسح لهم في الفرصة لعلهم يحسنون صنعاً .

( فإذا جاء أجلهم ) . .

وانتهى وقت العمل والكسب ، وحان وقت الحساب والجزاء ، فإن الله لن يظلمهم شيئاً :

( فإن الله كان بعباده بصيراً ) . .

وبصره بعباده كفيل بتوفيتهم حسابهم وفق عملهم وكسبهم ، لا تفوت منهم ولا عليهم كبيرة ولا صغيرة .

هذا هو الإيقاع الأخير في السورة التي بدأت بحمد الله فاطر السماوات والأرض . ( جاعل الملائكة رسلاً أولي أجنحة )يحملون رسالة السماء إلى الأرض . وما فيها من تبشير وإنذار فإما إلى جنة وإما إلى نار . .

وبين البدء والختام تلك الجولات العظام في تلك العوالم التي طوفت بها السورة . وهذه نهاية المطاف . ونهاية الحياة . ونهاية الإنسان . .