فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَلَوۡ يُؤَاخِذُ ٱللَّهُ ٱلنَّاسَ بِمَا كَسَبُواْ مَا تَرَكَ عَلَىٰ ظَهۡرِهَا مِن دَآبَّةٖ وَلَٰكِن يُؤَخِّرُهُمۡ إِلَىٰٓ أَجَلٖ مُّسَمّٗىۖ فَإِذَا جَآءَ أَجَلُهُمۡ فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِۦ بَصِيرَۢا} (45)

{ وَلَوْ يُؤَاخِذُ الله النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا } من الذنوب وعملوا من الخطايا { مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا } أي الأرض { مِن دَابَّةٍ } من الدواب التي تدب كائنة ما كانت ، أما بنو آدم فلذنوبهم ، وأما غيرهم فلشؤم معاصي بني آدم وقيل المراد : ما ترك على ظهر الأرض من دابة تدب من بني آدم ، والجن . وقال بالأول ابن مسعود وقتادة ، وقال بالثاني الكلبي ، وقال ابن جريج والأخفش والحسين بن الفضل : أراد بالدابة هنا : الناس وحدهم دون غيرهم .

أخرج الفريابي وغيره عن ابن مسعود قال : إنه كاد الجعل ليعذب في حجره بذنب ابن آدم ، ثم قرأ هذه الآية قيل : وجه الملاءمة بين الشرط والجزاء أنه تعالى إذا كان يؤاخذ الناس بما كسبوا كان ينقطع عنهم النعم التي من جملتها المطر ، فإذا انقطع عنهم المطر انقطع النبات فيموت جميع الحيوانات فهذا كناية أريد بها الملزوم وقوله : على ظهرها فيه استعارة مكنية قال قتادة : وقد فعل ذلك في زمن نوح ، وقال يحيى بن سلام . يحبس الله المطر فيهلك كل شيء { وَلَكِن يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى } وهو يوم القيامة .

{ فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ فَإِنَّ الله كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيرًا } أي بمن يستحق منهم الثواب ومن يستحق منهم العقاب وفي هذا تسلية للمؤمنين ووعيد للكافرين والعامل في ( إذا ) هو : جاء لا ( بصيرا ) .