ثم بين سبحانه أن نصره لنبيه صلى الله عليه وسلم آت لا شك فيه مهما كره ذلك الكارهون . فقال تعالى : { من كان يظن أن لن ينصره الله في الدنيا . . . وأن الله يهدي من يريد } .
للعلماء فى تفسير الآية الأولى أقوال :
أولها أن الضمير فى قوله { يَظُنُّ } يعود إلى أعداء النبى - صلى الله عليه وسلم - وفى قوله { يَنصُرَهُ } يعود إليه - صلى الله عليه وسلم - .
والمعنى : { من كان يظن } من الكافرين الكارهين للحق الذى جاء به محمد - صلى الله عليه وسلم - { أن لن ينصره الله } . أى : أن لن ينصر الله نبيه - صلى الله عليه وسلم - { فى الدنيا والآخرة فليمدد } هذا الكافر { بسبب } أى : بحبل إلى السماء ، أى : سقف بيته ، لأن العرب تسمى كل ما علاك فهو سماء .
" ثم ليقطع " ثم ليختنق هذا الكافر بهذا الحبل ، بأن يشده حول عنقه ويتدلى من الحبل المعلق بالسقف حتى يموت .
{ فلينظر هل يذهبن كيده ما يغيظ } أى : فليتفكر هذا الكافر فى أمره ، هل يزيل فعله هذا ما امتلأت به نفسه من غيط لنصر الله - تعالى - لنبيه - صلى الله عليه وسلم - ؟
كلا ، فإن ما يفعله بنفسه من الاختناق والغيظ ، لن يغير شيئاً من نصر الله - تعالى - لنبيه - صلى الله عليه وسلم - ، فليمت هذا الكافر بغيظه وكيده .
فالمقصود بالآية الكريمة ، بيان أن ما قدره الله - تعالى - من نصر لنبيه - صلى الله عليه وسلم - لن يحول بين تنفيذه حائل ، مهما فعل الكافرون ، وكره الكارهون ، فليموتوا بغيظهم ، فإن الله - تعالى - ناصر نبيه لا محالة .
وصح عود الضمير فى قوله { أَن لَّن يَنصُرَهُ } إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - مع أنه لم يسبق له ذكر ، لأن الكلام دال عليه فى الآيات السابقة ، إذ المراد بالإيمان فى قوله - تعالى - فى الآية السابقة { إِنَّ الله يُدْخِلُ الذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات . . } الإيمان بصدق النبى - صلى الله عليه وسلم - فيما جاء به عند ربه - تعالى - .
وعبر - سبحانه - عن اختناق هذا الحاقد بالحبل بقوله : { ثُمَّ لْيَقْطَعْ } لأن قطع الشىء يؤدى إلى انتهائه وهلاكه ، والمفعول محذوف . والتقدير : ثم ليقطع نفسه أو حياته .
وقد صدر صاحب الكشاف تفسيره للآية بهذا القول فقال : هذا كلام قد دخله اختصار .
والمعنى : إن الله ناصر رسوله فى الدنيا والآخرة ، فمن كان يظن من حاسديه وأعاديه أن الله يفعل خلاف ذلك . . فليستقص وسعه ، وليستفرغ مجهوده فى إزالة ما يغيظه . بأن يفعل ما يفعله من بلغ به الغيظ كل مبلغ ، حتى مد حبلاً إلى سماء بيته فاختنق ، فلينظر - هذا الحاسد - وليصور فى نفسه أنه إن فعل ذلك هل يذهب نصر الله الذى يغيظه ؟
وسمى - سبحانه - فعل هذا الكاف كيداً ، لأنه وضعه موضع الكيد ، حيث لم يقدر على غيره ، أو سماه كذلك على سبيل الاستهزاء ، لأنه لم يكد به محسوده ، إنما كاد نفسه .
والمراد : إنه ليس فى يده إلا ما ليس بمذهب لما يغيظه . . " .
وثانيها : إن الضمير فى قوله : { لَّن يَنصُرَهُ } يعود إلى " من " فى قوله { مَن كَانَ يَظُنُّ } وأن النصر هنا بمعنى الرزق . .
فيكون المعنى : من كان من الناس يظن أن لن يرزقه الله فى الدنيا والآخرة فليختنق ، وليقتل نفسه ، إذ لا خير فى حياة ليس فيها رزق الله وعونه ، أو فليختنق ، فإن اختناقه لن يغير شيئاً مما قضاه الله - تعالى - .
قال الآلوسى : واستظهر أبو حيان كون الضمير فى " ينصره " عائداً على " من " لأنه المذكور ، وحق الضمير أن يعود على مذكور . . . وفسر النصر بالرزق .
قال أبو عبيدة : وقف علينا سائل من بنى بكر فقال : من ينصرنى نصره الله - أى : من يرزقنى رزقه الله .
والمعنى : أن الارزاق بيد الله - تعالى - لا تنال إلا بمشيئته ، فمن ظن أن الله - تعالى - غير رازقه ، ولم يصبر ولم يستسلم فليختنق ، فإن ذلك لا يقلب القسمة ولا يرده مرزوقاً .
والغرض : الحث على الرضا بما قسمه الله - تعالى - لا كمن يعبده على حرف . . .
وثالثها : أن الآية فى قوم من المسلمين استبطأوا نصر الله - تعالى - لاستعجالهم وشدة غيظهم وحنقهم على المشركين ، فنزلت الآية لبيان أن كل شىء عند الله بمقدار .
ويكون المعنى : من كان من الناس يظن أن لن ينصره الله ، واستبطأ حدوث ذلك ، فليمت غيظاً . لأن للنصر على المشركين وقتاً لا يقع إلا فيه بإذن الله ومشيئته .
ويبدو أن أقرب الأقوال إلى الصواب ، القول الأول ، وعليه جمهور المفسرين ، ويؤيده قوله - تعالى - : { إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا والذين آمَنُواْ فِي الحياة الدنيا وَيَوْمَ يَقُومُ الأشهاد } وقوله - سبحانه - : { . . . وَإِذَا خَلَوْاْ عَضُّواْ عَلَيْكُمُ الأنامل مِنَ الغيظ قُلْ مُوتُواْ بِغَيْظِكُمْ إِنَّ الله عَلِيمٌ بِذَاتِ الصدور }
القول في تأويل قوله تعالى : { مَن كَانَ يَظُنّ أَن لّن يَنصُرَهُ اللّهُ فِي الدّنْيَا وَالاَخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السّمَآءِ ثُمّ لْيَقْطَعْ فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ * وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَاهُ آيَاتٍ بَيّنَاتٍ وَأَنّ اللّهَ يَهْدِي مَن يُرِيدُ } .
اختلف أهل التأويل في المعنيّ بالهاء التي في قوله : أنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللّهُ .
فقال بعضهم : عُنِي بها نبي الله صلى الله عليه وسلم . فتأويله على قوله بعض قائلي ذلك : من كان من الناس يحسب أن لن ينصر الله محمدا في الدنيا والاَخرة ، فليمدد بحبل وهو السبب إلى السماء : يعني سماء البيت ، وهو سقفه ، ثم ليقطع السبب بعد الاختناق به ، فلينظر هل يذهبن اختناقه ذلك وقطعه السبب بعد الاختناق ما يغيظ يقول : هل يذهبن ذلك ما يجد في صدره من الغيظ ذكر من قال ذلك :
حدثنا نصر بن عليّ ، قال : ثني أبي ، قال : ثني خالد بن قيس ، عن قَتادة : من كان يظن أن لن ينصر الله نبيه ولا دينه ولا كتابه ، فليمدُدْ بسببٍ يقول : بحبل إلى سماء البيت فليختنق به ، فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنّ كَيْدُهُ ما يَغِيظُ .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قَتادة : مَنْ كانَ يَظُنّ أنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللّهُ فِي الدّنيا والاَخِرَةِ قال : من كان يظنّ أن لن ينصر الله نبيه صلى الله عليه وسلم ، فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ يقول : بحبل إلى سماء البيت ، ثُمّ ليْقْطَعْ يقول : ثم ليختنق ثم لينظر هل يذهبنّ كيده ما يغيظ .
حدثنا الحسن ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال أخبرنا معمر ، عن قَتادة ، بنحوه .
وقال آخرون ممن قال الهاء في «ينصره » من ذكر اسم رسول الله صلى الله عليه وسلم : السماء التي ذكرت في هذا الموضع هي السماء المعروفة . قالوا : معنى الكلام ، ما :
حدثني به يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : مَنْ كانَ يَظُنّ أنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللّهُ فِي الدّنيا والاَخِرَةِ فقرأ حتى بلغ : هَلْ يُذْهِبَنّ كَيْدُهُ ما يَغِيظُ قال : من كان يظن أن لن ينصر الله نبيه صلى الله عليه وسلم ويكابد هذا الأمر ليقطعه عنه ومنه ، فليقطع ذلك من أصله من حيث يأتيه ، فإن أصله في السماء ، فليمدد بسبب إلى السماء ، ليقطع عن النبيّ صلى الله عليه وسلم الوحي الذي يأتيه من الله ، فإنه لا يكايده حتى يقطع أصله عنه ، فكايد ذلك حتى قطع أصله عنه . فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذهِبَنّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ ما دخلهم من ذلك وغاظهم الله به من نصرة النبيّ صلى الله عليه وسلم وما ينزل عليه .
وقال آخرون ممن قال «الهاء » التي في قوله : «يَنْصُرَهُ » من ذكر محمد صلى الله عليه وسلم معنى النصر ها هنا الرزق . فعلى قول هؤلاء تأويل الكلام : من كان يظنّ أن لن يرزق الله محمدا في الدنيا ، ولن يعطيه . وذكروا سماعا من العرب : من ينصرني نصره الله ، بمعنى : من يعطني أعطاه الله . وحكوا أيضا سماعا منهم : نصر المطر أرض كذا : إذا جادها وأحياها . واستشهد لذلك ببيت الفقعسيّ :
وإنّكَ لا تُعْطِي امْرأً فَوْقَ حَظّهِ *** وَلاَ تمْلِكُ الشّقّ الّذي الغَيْثُ ناصِرُهُ
حدثني أبو كريب ، قال : حدثنا ابن عطية ، قال : حدثنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن التميمي ، قال : قلت لابن عباس : أرأيت قوله : مَنْ كانَ يَظُنّ أنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللّهُ فِي الدّنيا والاَخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إلى السّماءِ ثُمّ لْيَقْطَعْ فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنّ كَيْدُهُ ما يَغِيظُ ؟ قال : من كان يظنّ أن لن ينصر الله محمدا ، فليربط حبلاً في سقف ثم ليختنق به حتى يموت .
حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا حكام عن عنبسة ، عن أبي إسحاق الهمدانيّ ، عن التميمّي ، قال : سألت ابن عباس ، عن قوله : مَنْ كانَ يَظُنّ أنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللّهُ قال : أن لن يرزقه الله في الدنيا والاَخرة ، فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إلى السّماءِ والسبب : الحَبْل ، والسماء : سقف البيت فليعلق حبلاً في سماء البيت ثم ليختنق فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنّ كَيْدُهُ هذا الذي صنع ما يجد من الغيظ .
حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا حكام ، عن عمرو بن مطرف ، عن أبي إسحاق ، عن رجل من بني تميم ، عن ابن عباس ، مثله .
حدثنا محمد بن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن التميميّ ، عن ابن عباس : مَنْ كانَ يَظُنّ أنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللّهُ فِي الدّنيا والاَخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إلى السّماءِ قال : سماء البيت .
حدثنا محمد بن المثنى ، قال : حدثنا أبو داود ، قال : حدثنا شعبة ، عن أبي إسحاق ، قال : سمعت التميميّ ، يقول : سألت ابن عباس ، فذكر مثله .
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : مَنْ كانَ يَظُنّ أنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللّهُ فِي الدّنيا والاَخِرَةِ . . . إلى قوله : ما يَغِيظُ قال : السماء التي أمر الله أن يمد إليها بسبب سقف البيت أمر أن يمد إليه بحبل فيختنق به ، قال : فلينظر هل يذهبن كيده ما يغيظ إذا اختنق إن خشي أن لا ينصره الله
وقال آخرون : الهاء في «ينصره » من ذكر «مَنْ » . وقالوا : معني الكلام : من كان يظنّ أن لا يرزقه الله في الدنيا والاَخرة ، فليمدد بسبب إلى سماء البيت ثم ليختنق ، فلينظر هل يذهبن فعله ذلك ما يغيظ ، أنه لا يرزق ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قول الله أنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللّهُ قال : يرزقه الله . فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ قال : بحبل إلى السماءِ سماء ما فوقك . ثمّ لْيَقْطَعْ ليختنق ، هل يذهبن كيده ذلك خنقه أن لا يرزق .
حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جُرَيج ، عن مجاهد ، في قوله : مَنْ كانَ يَظُنّ أنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللّهُ يرزقه الله . فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إلى السّماءِ قال : بحبل إلى السماء .
قال ابن جُرَيج ، عن عطاء الخراساني ، عن ابن عباس ، قال : إلى السماءِ إلى سماء البيت . قال ابن جُرَيج : وقال مجاهد : ثُمّ لْيَقْطَعْ قال : ليختنق ، وذلك كيده ما يَغِيظُ قال : ذلك خنقه أن لا يرزقه الله .
حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : حدثنا عبيد بن سليمان ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ يعني : بحبل . إلى السماءِ يعني : سماء البيت .
حدثني يعقوب ، قال : حدثنا ابن علية ، قال : أخبرنا أبو رجاء ، قال : سُئل عكرِمة عن قوله : فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إلى السّماءِ قال : سماء البيت . ثُمّ لْيَثقْطَعْ قال : يختنق .
وأولى ذلك بالصواب عندي في تأويل ذلك قول من قال : الهاء من ذكر نبيّ الله صلى الله عليه وسلم ودينه وذلك أن الله تعالى ذكره ذكر قوما يعبدونه على حرف وأنهم يطمئنون بالدين إن أصابوا خيرا في عبادتهم إياه وأنهم يرتدّون عن دينهم لشدّة تصيبهم فيها ، ثم أتبع ذلك هذه الاَية فمعلوم أنه إنما أتبعه إياها توبيخا لهم على ارتدادهم عن الدين أو على شكهم فيه نفاقهم ، استبطاء منهم السعة في العيش أو السبوغ في الرزق . وإذا كان الواجب أن يكون ذلك عقيب الخبر عن نفاقهم ، فمعنى الكلام إذن إذ كان ذلك كذلك : من كان يحسب أن لن يرزق الله محمدا صلى الله عليه وسلم وأمته في الدنيا فيوسع عليهم من فضله فيها ، ويرزقهم في الاَخرة من سَنيّ عطاياه وكرامته ، استبطاء منه فعل الله ذلك به وبهم ، فليمدد بحبل إلى سماء فوقه : إما سقف بيت ، أو غيره مما يعلق به السبب من فوقه ، ثم يختنق إذا اغتاظ من بعض ما قضى الله فاستعجل انكشاف ذلك عنه ، فلينظر هل يذهبنّ كيده اختناقه كذلك ما يغيظ ؟ فإن لم يذهب ذلك غيظه ، حتى يأتي الله بالفرج من عنده فيذهبه ، فكذلك استعجاله نصر الله محمدا ودينه لن يُؤَخّر ما قضى الله له من ذلك عن ميقاته ولا يعجّل قبل حينه . وقد ذكر أن هذه الاَية نزلت في أسد وغطفان ، تباطئوا عن الإسلام ، وقالوا : نخاف أن لا يُنصر محمد صلى الله عليه وسلم فينقطع الذي بيننا وبين حلفائنا من اليهود فلا يميروننا ولا يُرَوّوننا فقال الله تبارك وتعالى لهم : من استعجل من الله نصر محمد ، فليمدد بسبب إلى السماء فليختنق فلينظر استعجاله بذلك في نفسه هل هو مُذْهِبٌ غيظه ؟ فكذلك استعجاله من الله نصر محمد غير مقدّم نصره قبل حينه .
واختلف أهل العربية في «ما » التي في قوله : ما يَغِيظُ فقال بعض نحوّيي البصرة هي بمعنى «الذي » ، وقال : معنى الكلام : هل يذهبنّ كيده الذي يغيظه . قال : وحذفت الهاء لأنها صلة «الذي » ، لأنه إذا صارا جميعا اسما واحدا كان الحذف أخفّ . وقال غيره : بل هو مصدر لا حاجة به إلى الهاء ، هل يذهبنّ كيده غيظه .
{ من كان يظن أن لن ينصره الله في الدنيا والآخرة } كلام فيه اختصار والمعنى : أن الله ناصر رسوله في الدنيا والآخرة فمن كان يظن خلاف ذلك ويتوقعه من غيظه . وقيل المراد بالنصر الرزق والضمير لمن . { فليمدد بسبب إلى السماء ثم ليقطع } فليستقص في إزالة غيظه أو جزعه بأن يفعل كل ما يفعله الممتلئ غيظا ، أو المبالغ جزعا حتى يمد حبلا إلى سماء بيته فيختنق من قطع إذا اختنق ، فإن المختنق يقطع نفسه بحبس مجاريه . وقيل فليمدد حبلا إلى سماء الدنيا ثم ليقطع به المسافة حتى يبلغ عنانها فيجتهد في دفع نصره أو تحصيل رزقه . وقرأ ورش وأبو عمرو وابن عامر " ليقطع " بكسر اللام . { فلينظر } فليتصور في نفسه . { هل يذهبن كيده } فعله ذلك وسماه على الأول كيدا لأنه منتهى ما يقدر عليه . { ما يغيظ } غيظه أو الذي يغيظه من نصر الله . وقيل نزلت في قوم مسلمين استبطأووا نصر الله لاستعجالهم وشدة غيظهم على المشركين .