تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{مَن كَانَ يَظُنُّ أَن لَّن يَنصُرَهُ ٱللَّهُ فِي ٱلدُّنۡيَا وَٱلۡأٓخِرَةِ فَلۡيَمۡدُدۡ بِسَبَبٍ إِلَى ٱلسَّمَآءِ ثُمَّ لۡيَقۡطَعۡ فَلۡيَنظُرۡ هَلۡ يُذۡهِبَنَّ كَيۡدُهُۥ مَا يَغِيظُ} (15)

الآية 15 : وقوله تعالى : { من كان يظن أن لن ينصره الله في الدنيا والآخرة فليمدد بسبب إلى السماء ثم ليقطع فلينظر هل يذهبن كيده ما يغيظ } تأويل الآية عندنا يخرج على وجهين :

أحدهما : { من كان يظن أن لن } ينصر الله محمدا ، صلوات الله تعالى عليه ، وسلم ، ثم نصره ، فغاظه نصره [ إياه ] {[12944]} ، فيدوم غيظه { فليمدد بسبب إلى السماء } أي بحبل من السماء ، فيختنق ، ويقتل نفسه ، ليذهب غيظه الذي غاظه نصره ليستريح مما غاظه .

والثاني : يخرج على الوعد بالنصر والخبر أنه ينصره . يقول : من كان يظن أن ما وعد له من النصرة لا يفعل ذلك له ، ولا ينصره ، ولا ينجز ما وعد { فليمدد بسبب إلى السماء ثم ليقطع } أي ليحبس ما وعد له من النصر إن غاظه ما وعد ليذهب غيظه الذي غاظه . فعلى هذا التأويل تكون السماء سماء الأصل ، أي يحبس السبب الذي ينزل من السماء .

قال بعضهم : قوله : { من كان يظن أن لن ينصره الله } أن لن يرزقه الله ، ويجعله صلة قوله : { ومن الناس من يعيد الله على حرف } [ الحج : 11 ] لأنه يجعل الآية في أهل النفاق ، يقول : من كان يظن من أهل النفاق أن الله لا يرزقه إذا كان في ذلك الدين الذي كان فيه ، ودام ، فليمدد بما ذكر .

وقال مجاهد : { كيده ما يغيظ } قال ذلك خيفة ألا يرزق ، وأهل التأويل صرفوا السماء إلى سقف البيت ، ويقولون : القطع الخَنْقُ . وقال القتبي : { من كان يظن أن لن ينصره الله } أن لن يرزقه الله ، وهو قول أبي عبيدة ، يقال : مطر ناصر ، وأرض منصورة أي ممطورة .

وقال المفسرون : { من كان يظن أن لن ينصره الله } محمدا { فليمدد بسبب } أي بحبل { إلى السماء } إلى سقف البيت { ثم ليقطع } أي ليختنق { فلينظر هل يذهبن كيده } أي حيلته { ما يغيظ } غيظه ، أي ليجهد جهده .

وقال أبو عوسجة : { فليمدد بسبب } قال : هذا شيء لا يكون ، ولا يقدر عليه ، وهذا ذم للمقول فيه لأنه جعل السماء سماء الأصل ، وقوله : { فليمدد } أي يمد يده ، وقوله : { بسبب } والسبب في الأصل الحبل ، أي يعلق سببا ، فيرتقي في السماء ، والسب الخمار ، وسُبوب جميع أي خمر ، والسبب الحبل بلغة هُذَيْل ، وقوله : { ما يغيظ } هو شدة الغضب .


[12944]:من م، ساقطة من الأصل.