تفسير الأعقم - الأعقم  
{مَن كَانَ يَظُنُّ أَن لَّن يَنصُرَهُ ٱللَّهُ فِي ٱلدُّنۡيَا وَٱلۡأٓخِرَةِ فَلۡيَمۡدُدۡ بِسَبَبٍ إِلَى ٱلسَّمَآءِ ثُمَّ لۡيَقۡطَعۡ فَلۡيَنظُرۡ هَلۡ يُذۡهِبَنَّ كَيۡدُهُۥ مَا يَغِيظُ} (15)

{ من كان يظن أن لن ينصره الله } الآية نزلت في أسد وغطفان تنافلوا عن الإِسلام وقالوا : نخاف أن لا ينصر محمد فيقطع الذي بيننا وبين اليهود من الحلف فلا يميرونا ، قال جار الله : هذا كلام قد دخله اختصار ، والمعنى أن الله ناصر رسوله { في الدنيا والآخرة } الآية فمن كان يظن حاسديه وأعاديه أن الله يفعل خلاف ذلك ويطمع فيه فليستقص وسعه ويستفرغ جهده في إزالة ما يعطيه بأن يفعل ما يفعل من بلغ منه الغيظ كل مبلغ حتى مدَّ حبلاً إلى سماء بيته فاختنق { فلينظر } ويتصور في نفسه أنه إن فعل ذلك هل يذهب نصر الله الذي يعطيه ، وسمي الاختناق قطعاً لأن المختنق يقطع نفسه ، وسمي فعله كيداً لأنه وضعه موضع الكيد حيث لم يقدر على غيره أو على سبيل الاستهزاء لأنه لم يكيد به محسوده إنما كاد به نفسه ، وقيل : فليمدد بحبل إلى السماء المظلمة ، وليصعد عليه فليقطع الوحي أن ينزل ، وقد فسر النصر بالرزق ، وقيل : معناه أن الأرزاق من الله لا ينال إلا بمشيئته ، ولا بدّ للعبد من الرضا بقسمته ، فمن ظن أن الله غير رازقه وليس به صبر فليبلغ غاية الجزع وهو الاختناق ، قال في الحاكم : من كان يظن أن الله لا ينصر نبيّه وأنه يتهيَّأ له أن يغلب نبيّه محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) { فليمدد بسبب إلى السماء } أي ليطلب شيئاً يصل به إلى السماء فيقطع نصر الله لنبيَّه على أعدائه ، وإنما ذكر السماء لأن النصر يأتيه من قبل السماء ومن قبل الملائكة .