قوله تعالى : { مَن كَانَ يَظُنُّ أَن لَّن يَنصُرَهُ الله } ، الهاء كناية عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ويجوز في اللغة الإضمار في الكناية وإن لم تكن مذكورة إذا كان الأمر ظاهراً ، كقوله تعالى : { وَلَوْ يُؤَاخِذُ الله الناس بِمَا كَسَبُواْ مَا تَرَكَ على ظَهْرِهَا مِن دَآبَّةٍ ولكن يُؤَخِّرُهُمْ إلى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَإِذَا جَآءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ الله كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيراً } [ فاطر : 45 ] ، يعني : على ظهر الأرض ، وكقوله عز وجل : { فَقَالَ إنى أَحْبَبْتُ حُبَّ الخير عَن ذِكْرِ رَبِى حتى تَوَارَتْ بالحجاب } [ ص : 32 ] يعني : الشمس . ومعناه من كان يظن أن لن ينصر الله محمداً صلى الله عليه وسلم بالغلبة والحجة . { فِى الدنيا والآخرة } الشفاعة في { الآخرة } .
قوله : { فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السماء } ، يعني : فليربط بحبل من سقف البيت ، لأن كل ما علاك فهو سماء . { ثُمَّ لْيَقْطَعْ } ، يعني : ليختنق ، { فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ } ، يعني : اخْتِنَاقُه . { مَا يَغِيظُ } ، معناه هل ينفعه ذلك . قال ابن عباس : نزلت الآية في نفر من أسد وغطفان ، فقالوا : نخافُ أن لن ينصر الله محمداً صلى الله عليه وسلم ، فيقطع ما بيننا وبين حلفائنا من المودة يعني : اليهود وقال القتبي : كان قوم من المسلمين لشدة غيظهم على المشركين ، يستبطئون ما وعد لهم من النصرة ، وآخرون من المشركين يريدون اتباعه ويخشون أن لا يتم لهم أمره ، فنزل { مَن كَانَ يَظُنُّ أَن لَّن يَنصُرَهُ الله } ، يعني : محمداً صلى الله عليه وسلم بعدما سمعوا منه النصرة والإظهار .
ولكن كلام العرب على وجه الاختصار ، يعني : إن لم تثق بما أقول لك ، فاذهب واختنق أو اجتهد جهدك .
قال : وفيه وجه آخر ، وهو أن يكون هاهنا السماء بعينها لا السقف ، فكأنه قال { فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السماء } أي بحبل وليرتق فيه ، ثم ليقطع ، يعني : الحبل ، حتى يخر فيهلك ، فلينظر هل ينفعه ، كقوله عز وجل : { وَإِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ فَإِن استطعت أَن تَبْتَغِىَ نَفَقاً فِى الأرض أَوْ سُلَّماً فِى السمآء فَتَأْتِيَهُمْ بِأايَةٍ وَلَوْ شَآءَ الله لَجَمَعَهُمْ عَلَى الهدى فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الجاهلين } [ الأنعام : 35 ] وقال أبو عبيدة : { مَن كَانَ يَظُنُّ أَن لَّن يَنصُرَهُ الله فِى الدنيا والآخرة } يعني : أن لن يرزقه الله . وذهب إلى قول العرب : أرض منصورة ، أي ممطورة ؛ فكأنه قال : من كان قانطاً من رزق الله ورحمته ، فليفعل ذلك { فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ } ، أي حيلته ما يغيظ ، أي غيظه لتأخير الرزق عنه ؛ وقال الزجاج : { من كان يظن أن لن ينصره الله } ، يعني : محمداً صلى الله عليه وسلم ، حتى يظهره الله على الدين كله فليمت غيظاً .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.