الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{مَن كَانَ يَظُنُّ أَن لَّن يَنصُرَهُ ٱللَّهُ فِي ٱلدُّنۡيَا وَٱلۡأٓخِرَةِ فَلۡيَمۡدُدۡ بِسَبَبٍ إِلَى ٱلسَّمَآءِ ثُمَّ لۡيَقۡطَعۡ فَلۡيَنظُرۡ هَلۡ يُذۡهِبَنَّ كَيۡدُهُۥ مَا يَغِيظُ} (15)

ثم قال : { من كان يظن أن لن ينصره الله في الدنيا والآخرة }[ 15 ] .

أي : من كان يظن أن لن ينصر الله محمدا عليه السلام في الدنيا والآخرة ، ( فليمدد بسبب ) وهو الحبل ( إلى السماء ) يعني سماء البيت ، وهو سقفه . ( ثم ليقطع ) السبب . يعني : الاختناق به . ( فلينظر هل يذهبن ) اختناقه ، ذلك ما يغيظ . أي : ما يجد من في صدره من الغيظ . هذا معنى قول قتادة{[46701]} وهو مروي عن ابن عباس أيضا .

وقال ابن زيد{[46702]} معناه : من كان يظن أن لن ينصر/ الله محمدا صلى الله عليه وسلم ، فليقطع ذلك{[46703]} من أصله ، من حيث يأتيه النصر ، فإن أصله في السماء ، فليمدد سببه إلى السماء ثم ليقطع الوحي عن النبي صلى الله عليه وسلم { فلينظر هل يذهبن كيده ما يغيظ }[ 15 ] .

أي : هل يذهب فعله ما يجد في نفسه من غيظ . في نصر الله تعالى محمدا .

وقيل : {[46704]} النصر هنا معناه : الرزق . وحكي عن العرب ، من ينصرني نصره الله{[46705]} . أي : من يعطني أعطاه الله . فالتقدير على هذا : من كان يظن أن لن يرزق الله محمدا عليه السلام ، فليختنق في حبل في سقف بيته ثم لينظر هل يذهب فعله{[46706]} غيظه .

وقيل : معناه : من كان يظن أن لن يرزق الله تعالى محمدا فليمدد بسبب إلى السماء{[46707]} ، فليقطع رزقه إن كان يقدر ، فلينظر هل يذهب كيده غيظه .

وكونها عائدة على ( من ) – وهو قول أبي عبيدة{[46708]} مع طائفة من أهل اللغة – ويكون{[46709]} ينصره بمعنى ( ينفعه ) .

وقيل قيل : إن ( الهاء ) تعود على الدين . أي : من كان يظن أن لن ينصر الله دينه ، فليفعل ما ذكر .

قال ابن عباس{[46710]} : معناه : إن لن ينصر الله محمدا . فالهاء لمحمد عليه السلام .

وقال مجاهد : معناه : من كان يظن أن لن يرزقه الله ، فليمدد بحبل إلى سارية البيت فليخنق نفسه . فالهاء على هذا ل( ظن ) كأنه قال : من ظن أن الله لا يرزقه ، فليقتل نفسه ، إذ لا حياة له مع عدم رزق الله له .

وقيل{[46711]} : معناه : من كان يظن أن لن ينصر الله نبيه في الدنيا والآخرة وأنه يتهيأ له أن يغلب نبيه أو يزل عنه النصر الذي يريده الله به . فليطلب سببا يصل به إلى السماء ، فليقطع نصر الله عن نبيه ، فلينظر هل يتهيأ له الوصول إلى السماء بكيد وبسبب يحتاله . وهل يتهيأ له{[46712]} أن يقطع النصر عن نبي الله ، أو يزل بكيده وحيلته ما يغيظه من نصر الله لنبيه ، فإنما هذا دلالة على ما لا يتهيأ لهم ، ولا يقدرون عليه ، وفيه إعلام أن النصر لمحمد من عند الله ، وتنبيه على أن محمدا منصور لا يغلب .


[46701]:انظر: جامع البيان 17/126 وتفسير ابن كثير 3/210.
[46702]:انظر: جامع البيان 17/126 وزاد المسير 5/413 والدر المنثور 4/347.
[46703]:ذلك سقطت من ز.
[46704]:انظر: جامع البيان 17/126.
[46705]:قال أبو عبيدة وقف علينا سائل من بني بكر على حلقة في المسجد الجامع فقال: من ينصرني نصره الله، أي من يعطيني أعطاه الله. انظر: مجاز القرآن 2/46.
[46706]:فعله سقطت من ز.
[46707]:إلى السماء سقط من ز.
[46708]:ز: عبيد.
[46709]:ويكون سقطت من ز.
[46710]:انظر: زاد المسير 5/413.
[46711]:ز: وقد قيل: والقول للنحاس في تفسير القرطبي 12/21.
[46712]:له سقطت من ز.