تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل  
{وَلَا تَنكِحُواْ ٱلۡمُشۡرِكَٰتِ حَتَّىٰ يُؤۡمِنَّۚ وَلَأَمَةٞ مُّؤۡمِنَةٌ خَيۡرٞ مِّن مُّشۡرِكَةٖ وَلَوۡ أَعۡجَبَتۡكُمۡۗ وَلَا تُنكِحُواْ ٱلۡمُشۡرِكِينَ حَتَّىٰ يُؤۡمِنُواْۚ وَلَعَبۡدٞ مُّؤۡمِنٌ خَيۡرٞ مِّن مُّشۡرِكٖ وَلَوۡ أَعۡجَبَكُمۡۗ أُوْلَـٰٓئِكَ يَدۡعُونَ إِلَى ٱلنَّارِۖ وَٱللَّهُ يَدۡعُوٓاْ إِلَى ٱلۡجَنَّةِ وَٱلۡمَغۡفِرَةِ بِإِذۡنِهِۦۖ وَيُبَيِّنُ ءَايَٰتِهِۦ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمۡ يَتَذَكَّرُونَ} (221)

{ ولا تنكحوا المشركات } ، نزلت في أبي مرثد الغنوي ، واسمه أيمن ، وفي عناق القرشية ، وذلك أن أبا مرثد كان رجلا صالحا ، وكان المشركون أسروا أناسا بمكة ، وكان أبو مرثد ينطلق إلى مكة مستخفيا ، فإذا كان الليل أخذ الطريق ، وإذا كان النهار تعسف الجبال ، لئلا يراه أحد ، حتى يقدم مكة ، فيرصد المسلمين ليلا ، فإذا أخرجهم المشركون للبراز ، تركوهم عند البراز والغائط ، فينطلق أبو مرثد ، فيجعل الرجل منهم على عنقه حتى إذا أخرجه من مكة كسر قيده بفهر ويلحقه بالمدينة ، كان ذلك دأبه ، فانطلق يوما حتى انتهى إلى مكة ، فلقيته عناق ، وكان يصيب منها في الجاهلية ، فقالت : أبا مرثد ، ما لك في حاجة ، فقال : إن الله عز وجل قد حرم الزنا .

فلما أيست منه أنذرت به كفار مكة ، فخرجوا يطلبونه ، فاستتر منهم بالشجر ، فلم يقدروا عليه ، فلما رجعوا احتمل بعض المسلمين حتى أخرجه من مكة ، فكسر قيده ، ورجع إلى المدينة ، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره بالخبر ، فقال : والذي بعثك بالحق ، لو شئت أن آخذهم وأنا مستتر بالشجرة لفعلت ، فقال له الني صلى الله عليه وسلم : اشكر ربك أبا مرثد ، إن الله عز وجل حجزهم عنك ، فقال أبو مرثد : يا رسول الله ، إن عناق أحبها ، وكان بيني وبينها في الجاهلية ، أفتأذن لي في تزويجها ، فإنها لتعجبني ، فأنزل الله عز وجل : { ولا تنكحوا المشركات } { حتى يؤمن } ، يصدقن بتوحيد الله ، { ولأمة مؤمنة } ، يعني مصدقة بتوحيد الله ، { خير من مشركة ولو أعجبتكم } ، لقوله : إنها لتعجبني ، { ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم أولئك يدعون إلى النار والله يدعو إلى الجنة والمغفرة بإذنه ويبين آياته للناس لعلهم يتذكرون } .