فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{وَلَا تَنكِحُواْ ٱلۡمُشۡرِكَٰتِ حَتَّىٰ يُؤۡمِنَّۚ وَلَأَمَةٞ مُّؤۡمِنَةٌ خَيۡرٞ مِّن مُّشۡرِكَةٖ وَلَوۡ أَعۡجَبَتۡكُمۡۗ وَلَا تُنكِحُواْ ٱلۡمُشۡرِكِينَ حَتَّىٰ يُؤۡمِنُواْۚ وَلَعَبۡدٞ مُّؤۡمِنٌ خَيۡرٞ مِّن مُّشۡرِكٖ وَلَوۡ أَعۡجَبَكُمۡۗ أُوْلَـٰٓئِكَ يَدۡعُونَ إِلَى ٱلنَّارِۖ وَٱللَّهُ يَدۡعُوٓاْ إِلَى ٱلۡجَنَّةِ وَٱلۡمَغۡفِرَةِ بِإِذۡنِهِۦۖ وَيُبَيِّنُ ءَايَٰتِهِۦ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمۡ يَتَذَكَّرُونَ} (221)

119

{ تنكحوا } تتزوجوا .

{ ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم } اختلف أهل التأويل في المراد بالمشركة في هذه الآية فقال بعضهم : كل مشركة عابدة وثن أو يهودية أو نصرانية أو مجوسية ، وعن قتادة ما حاصله : أهل الكتاب غير داخلات في النهي ، يقول ابن جرير : فمعنى الكلام إذن ولا تنكحوا أيها المؤمنون مشركات غير أهل الكتاب حتى يؤمن فيصدقن بالله ورسوله وما أنزل عليه والمراد بالنكاح في هذه الآية هو العقد{[687]} أي لا تعقدوا على المشركات . { ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم } اللام مؤكدة تشبه لام القسم والأمة ربما يراد بها الرقيقة المؤمنة أو المرأة المؤمنة حرة كانت أو مملوكة لأن النساء كلهن إماء الله سبحانه ؛ [ وإن أعجبتكم المشركة من غير أهل الكتاب{[688]} في الجمال والحسب والمال فلا تنكحوها فإن الأمة المؤمنة خير عند الله منها ]{[689]} ، مما نقل النيسابوري رحمه الله : لأن الإيمان يتعلق بالدين والمال والجمال والنسب يتعلق بالدنيا ، ورعاية الدين أولى من رعاية الدنيا إن لم يتيسر الجمع بينهما ، وقد تحصل المحبة والتآلف عند التوافق في الدين فتكمل منافع الدنيا أيضا من حسن الصحبة والعشرة وحسن الغيب وضبط الأموال والأولاد وأما عند اختلاف الدين فتنعكس هذه القضايا وقد يراد أضداد ما توقع منها .

{ ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم } ولا فرق هنا بين مشرك وكتابي فلا يحل تزويج مسلمة من كافر أيا ما كان نوع كفره ، { أولئك يدعون إلى النار } هؤلاء الذين حرم الله تعالى على المسلمين مناكحتهم من رجال أهل الشرك ونسائهم يدعون بأعمالهم إلى ما يدخل النار وأقوالهم ليست بأقل فحشا ولا نكرا ولا خطرا ، { والله يدعو إلى الجنة والمغفرة بإذنه [ اقبلوا من الله ما أمركم به فاعملوا به وانتهوا عما نهاكم عنه فإنه يدعوكم إلى الجنة يعني بذلك يدعوكم إلى العمل بما يدخلكم الجنة ويوجب لكم النجاة إن عملتم به من النار ، وإلى ما يمحو خطاياكم أو ذنوبكم فيعفو عنها ويسترها عليكم ، أما قوله { بإذنه } فإنه يعني أنه يدعوكم إلى ذلك بإعلامه إياكم سبيله وطريقه الذي به الوصول إلى الجنة والمغفرة . . ويوضح حججه وأدلته في كتابه . . ليتذكروا فيعتبروا ويميزوا بين . . . دعاء إلى النار والآخر دعاء إلى الجنة وغفران الذنوب فيختاروا خيرهما لهم ]{[690]} .


[687]:نقل النيسابوري في تفسيره ما حاصله : أجمع المفسرون على أن ذلك هو المراد، لكن البخاري –رحمه الله- أخرج عن ابن عمر قال: حرم الله نكاح المشركات على المسلمين.
[688]:لا أعرف شيئا من الإشراك أعظم من أن تقول المرأة: ربها عيسى أو عبد من عباد الله.
[689]:ما بين العلامتين [] من جامع البيان.
[690]:ما بين العلامتين[] من جامع البيان.