قوله : ( وَلاَ تَنْكِحُوا المُشْركَاتِ حَتَّى يُومِنَّ ) [ 219 ] .
قال ابن عباس : " عَمَّ تحريمُ كل مشركة ثم استثنى منهن أهل الكتاب بقوله : ( وَالمُحْصَنَاتُ مِنَ الذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ )( {[7053]} )( {[7054]} ) .
وقال عكرمة والحسن : " نسخ من ذلك نساء أهل الكتاب " ( {[7055]} ) .
وكذلك قال مالك : " هي منسوخة " ، وهو( {[7056]} ) قول سفيان( {[7057]} ) .
وقال ابن جبير : " الآية عامة محكمة مخصومة في مشركات العرب ، لم يعن( {[7058]} ) بها/غيرهن " ( {[7059]} ) .
وقد قيل : هي ناسخة للتي في النساء والمائدة( {[7060]} ) روي ذلك عن ابن عباس( {[7061]} ) ، وابن عمر ، وعن عمر رضي الله عنه . والإجماع على خلاف ذلك ، وطرق الأسانيد عنهم فيها ضعف .
وروي أن عمر فرق بين طلحة بن عبيد الله ويهودية ، وبين حذيفة بن( {[7062]} ) اليمان ونصرانية ، وأراد أن يبطش بهما على نكاحهما( {[7063]} ) .
وقال/ابن عمر : " حرم الله المشركات في كتابه على المؤمنين ، ولا أعرف شيئاً من الإشراك أعظم من( {[7064]} ) أن تقول المرأة : ربها عيسى " ( {[7065]} ) . وقد سمى الله اليهود والنصارى مشركين في كتابه في " براءة " وغيرها ؛ قال : ( اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمُ أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللَّهِ )( {[7066]} ) . فهذا هو الشرك بعينه .
وأكثر الصحابة والفقهاء على جواز نكاح الكتابيات( {[7067]} ) وهو نص القرآن ، ولم يختلف الفقهاء في منع نكاح المسلم إماء( {[7068]} ) أهل الكتاب إلا أبا حنيفة فإنه أجازه( {[7069]} ) .
وأصل النكاح في اللغة الوطء( {[7070]} ) . تقول العرب : " أَنْكَحْتُ الأَرْضَ البُرَّ " إذا بذرته فيها ، ومن هاهنا ثبت أن قوله : ( حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ )( {[7071]} ) يراد( {[7072]} ) به الوطء دون العقد ، وبذلك أتت السنة ، وقد كثر حتى استعمل اسماً للعقد إذ هو سبب الوطء( {[7073]} ) .
وجاز أن تقول : ( وَلَعَبْدٌ مُّومِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ ) ، والمشرك لا( {[7074]} ) خير فيه ، كما تقول العرب " الآباء أحق بالميراث من الخال " ، ولا حق للخال في الميراث .
وحكى نفطويه( {[7075]} ) في كتاب " التوبة " له أن العرب تأتي بأفعل على ضربين : أحدهما تفضيل أحدهما( {[7076]} ) على الآخر وفي الآخر فضل . /والثاني أن يكون إيجاباً للأول ونفياً عن الثاني كقوله تعالى : ( اَصْحَابُ الجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ( {[7077]} ) خَيْرٌ مُّسْتَقَرّاً )( {[7078]} ) فهو نفي عن أن يكون في النار خير( {[7079]} ) .
وقيل : /المعنى : وَالإِنْكَاحُ( {[7080]} ) عبد مؤمن خير من إنكاح( {[7081]} ) حر مشرك .
وهذه الآية نزلت في رجل نكح أمة فعذل( {[7082]} ) عن ذلك وكان الذين( {[7083]} ) [ عذلوه يريدون ]( {[7084]} ) تزويج نساء أهل الشرك لحسبهن( {[7085]} ) ومالهن وجمالهن ، فأخبر الله تعالى أن " أمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم " ، أي( {[7086]} ) ولو أعجبكم حسنها وحسبها( {[7087]} ) .
ثم أخبرنا بمنع نكاح المشرك المسلمة من أهل الكتاب كان أو من غيرهم ، فأعلمنا أن عبداً مؤمناً خير من مشرك( {[7088]} ) .
وبهذا( {[7089]} ) يحتج من جعل الأول عاماً في الكتابية وغيرها .
ثم قال تعالى : ( أُوْلَائِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ ) [ 219 ] . أي يعملون بأعمالهم . ( وَاللَّهُ يَدْعُوا إِلَى الجَنَّةِ وَالمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ ) [ 219 ] .
أي : بإعلامه الطريق [ التي بها يتوصل ]( {[7090]} ) إلى الجنة والمغفرة كل من عنده .
وروي أن هذه الآية نزلت في كناز بن( {[7091]} ) الحصين( {[7092]} )/[ الغنوي أبي ]( {[7093]} ) مرثد( {[7094]} ) بعثه/رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ]( {[7095]} ) إلى مكة سراً ليخرج رجلاً من أصحابه أسر ، وكان له بمكة امرأة يحبها في الجاهلية . فقالت له : تزوجني . فقال : لا ، حتى آتي رسول الله فسأله( {[7096]} ) . فلما قدم بالأسير إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم سأله هل يحل له تزويج تلك المرأة ، فأنزل الله تعالى : ( وَلاَ تَنْكِحُوا المُشْرِكَاتِ ) الآية( {[7097]} ) ، فهي في غير أهل الكتاب مخصوصة على هذا التأويل .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.