تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِن كُنتُمۡ فِي رَيۡبٖ مِّنَ ٱلۡبَعۡثِ فَإِنَّا خَلَقۡنَٰكُم مِّن تُرَابٖ ثُمَّ مِن نُّطۡفَةٖ ثُمَّ مِنۡ عَلَقَةٖ ثُمَّ مِن مُّضۡغَةٖ مُّخَلَّقَةٖ وَغَيۡرِ مُخَلَّقَةٖ لِّنُبَيِّنَ لَكُمۡۚ وَنُقِرُّ فِي ٱلۡأَرۡحَامِ مَا نَشَآءُ إِلَىٰٓ أَجَلٖ مُّسَمّٗى ثُمَّ نُخۡرِجُكُمۡ طِفۡلٗا ثُمَّ لِتَبۡلُغُوٓاْ أَشُدَّكُمۡۖ وَمِنكُم مَّن يُتَوَفَّىٰ وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَىٰٓ أَرۡذَلِ ٱلۡعُمُرِ لِكَيۡلَا يَعۡلَمَ مِنۢ بَعۡدِ عِلۡمٖ شَيۡـٔٗاۚ وَتَرَى ٱلۡأَرۡضَ هَامِدَةٗ فَإِذَآ أَنزَلۡنَا عَلَيۡهَا ٱلۡمَآءَ ٱهۡتَزَّتۡ وَرَبَتۡ وَأَنۢبَتَتۡ مِن كُلِّ زَوۡجِۭ بَهِيجٖ} (5)

ثم ذكر صنعه ليعتبروا في البعث فقال سبحانه : { يا أيها الناس } يعنى كفار مكة { إن كنتم في ريب من البعث } يعنى في شك من البعث بعد الموت ، فانظروا إلى بدء خلقكم { فإنا خلقناكم من تراب } ولم تكونوا شيئا { ثم من نطفة ثم من علقة } مثل الدم { ثم من مضغة مخلقة } يعنى من النطقة مخلقة { وغير مخلقة } يعنى السقط يخرج من بطن أمه مصورا ، وغير مصور { لنبين لكم ونقر في الأرحام ما نشاء } فلا يكون سقطا { إلى أجل مسمى } يقول : خروجه من بطن أمه ليعتبروا في البعث ، ولا يشكوا فيه أن الذي بدأ خلقكم ، لقادر على أن يعيدكم بعد الموت .

ثم قال سبحانه : { ثم نخرجكم } من بطون أمهاتكم { طفلا ثم لتبلغوا أشدكم } ثماني عشرة سنة إلى أربعين سنة { ومنكم من يتوفى } من قبل أن يبلغ أشده { ومنكم من يرد } بعد الشباب { إلى أرذل العمر } يعنى الهرم { لكيلا يعلم من بعد علم } كان يعلمه { شيئا } فذكر بدء الخلق ، ثم ذكر الأرض الميتة كيف يحيها ليعتبروا في البعث ، فإن البعث ليس بأشد من بدء الخلق ، ومن الأرض حين يحيها من بعد موتها ، فذلك قوله سبحانه : { وترى الأرض هامدة } ، يعنى ميتة ليس نبت يعنى متهشمة { فإذا أنزلنا عليها الماء } يعنى المطر { اهتزت } الأرض ، يعنى تحركت بالنبات ، كقوله : { تهتز كأنها جان } [ القصص :21 ] أي تحرك كأنها حية . ثم قال للأرض : { وربت } يعنى وأضعفت النبات { وأنبتت من كل زوج بهيج } آية ، يعنى من كل صنف من النبات حسن .