جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِن كُنتُمۡ فِي رَيۡبٖ مِّنَ ٱلۡبَعۡثِ فَإِنَّا خَلَقۡنَٰكُم مِّن تُرَابٖ ثُمَّ مِن نُّطۡفَةٖ ثُمَّ مِنۡ عَلَقَةٖ ثُمَّ مِن مُّضۡغَةٖ مُّخَلَّقَةٖ وَغَيۡرِ مُخَلَّقَةٖ لِّنُبَيِّنَ لَكُمۡۚ وَنُقِرُّ فِي ٱلۡأَرۡحَامِ مَا نَشَآءُ إِلَىٰٓ أَجَلٖ مُّسَمّٗى ثُمَّ نُخۡرِجُكُمۡ طِفۡلٗا ثُمَّ لِتَبۡلُغُوٓاْ أَشُدَّكُمۡۖ وَمِنكُم مَّن يُتَوَفَّىٰ وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَىٰٓ أَرۡذَلِ ٱلۡعُمُرِ لِكَيۡلَا يَعۡلَمَ مِنۢ بَعۡدِ عِلۡمٖ شَيۡـٔٗاۚ وَتَرَى ٱلۡأَرۡضَ هَامِدَةٗ فَإِذَآ أَنزَلۡنَا عَلَيۡهَا ٱلۡمَآءَ ٱهۡتَزَّتۡ وَرَبَتۡ وَأَنۢبَتَتۡ مِن كُلِّ زَوۡجِۭ بَهِيجٖ} (5)

{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُم } أي : فانظروا في بدء خلقكم ، لتعلموا أن من قدر على هذا قدر على ذلك { مِّن تُرَابٍ{[3328]} } : خلق آدم منه ، { ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ } : ذريته من منيّ { ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ } فإن النطفة تصير دما غليظا ، { ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ } : قطعة من لحم قدر ما يمضغ ، { مُّخَلَّقَةٍ } : تامة ، { وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ } : ساقطة ، أو مسواة ومعيوبة ، { لِّنُبَيِّنَ لَكُمْ } : كمال قدرتنا على البدائع والحشو فرد منها ، { وَنُقِرُّ فِي الأَرْحَامِ مَا نَشَاء } أن نقره فلا نسقطه ، { إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى } هو وقت الوضع ، { ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ{[3329]} طِفْلا } نصب على الحال والمراد منه الجنس ، { ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ } كمال قوتكم المعطوف محذوف كما تقول : جاء زيد ثم عمر وثم وثم أي : ثم نريبكم لتبلغوا أو تقديره : لنبين لكم ثم لتبلغوا فكأن الأمر التدريجي من النطفة والعلقة والمضغة ليس إلا للتبيين ، وأما تمكنه في الرحم ، ثم إخراجه لمصلحتين التبيين والإيصال إلى كمال العقل ، أو تقديره ثم فعلنا ما فعلنا لتبلغوا ، { وَمِنكُم مَّن يُتَوَفَّى } : قبل الهرم ، { وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ } : الهرم والخرف ، { لِكَيْلا يَعْلَمَ مِن بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا } ، كحال طفولية فسبحان من يعيد كما بدأ ، { وَتَرَى الأَرْضَ هَامِدَةً } : ميتة يابسة شرع في دليل{[3330]} آخر للبعث ، { فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاء اهْتَزَّتْ } : تحركت بالنبات ، { وَرَبَتْ } : انتفخت ، { وَأَنبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ } : صنف ، { بَهِيجٍ } : حسن رائق ،


[3328]:وهذا أول تطور الإنسان في أطوار سبعة، وهي التراب والنطفة والعلقة والمضغة والإخراج طفلا وبلوغ الأشد والتوفي أو الرد إلى أرذل العمر /12 فتح.
[3329]:وأحد يراد به جميع كقوله تعالى: {هؤلاء ضيفي فلا تفضحون} (الحجر: 68) أو قوله تعالى: {أنا رسول رب العالمين} (الشعراء: 16).
[3330]:أفاقي للبعث ولما كان هذا مشاهدا للأبصار بخلاف الدليل الأول فإن بعض مراتب الخلقة فيه غير مرئي أحال الثاني على الرؤية /12 وجيز.