تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل  
{لَّيۡسَ عَلَى ٱلۡأَعۡمَىٰ حَرَجٞ وَلَا عَلَى ٱلۡأَعۡرَجِ حَرَجٞ وَلَا عَلَى ٱلۡمَرِيضِ حَرَجٞ وَلَا عَلَىٰٓ أَنفُسِكُمۡ أَن تَأۡكُلُواْ مِنۢ بُيُوتِكُمۡ أَوۡ بُيُوتِ ءَابَآئِكُمۡ أَوۡ بُيُوتِ أُمَّهَٰتِكُمۡ أَوۡ بُيُوتِ إِخۡوَٰنِكُمۡ أَوۡ بُيُوتِ أَخَوَٰتِكُمۡ أَوۡ بُيُوتِ أَعۡمَٰمِكُمۡ أَوۡ بُيُوتِ عَمَّـٰتِكُمۡ أَوۡ بُيُوتِ أَخۡوَٰلِكُمۡ أَوۡ بُيُوتِ خَٰلَٰتِكُمۡ أَوۡ مَا مَلَكۡتُم مَّفَاتِحَهُۥٓ أَوۡ صَدِيقِكُمۡۚ لَيۡسَ عَلَيۡكُمۡ جُنَاحٌ أَن تَأۡكُلُواْ جَمِيعًا أَوۡ أَشۡتَاتٗاۚ فَإِذَا دَخَلۡتُم بُيُوتٗا فَسَلِّمُواْ عَلَىٰٓ أَنفُسِكُمۡ تَحِيَّةٗ مِّنۡ عِندِ ٱللَّهِ مُبَٰرَكَةٗ طَيِّبَةٗۚ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمُ ٱلۡأٓيَٰتِ لَعَلَّكُمۡ تَعۡقِلُونَ} (61)

{ ليس على الأعمى حرج } نزلت في الأنصار ، وذلك أنه لما نزلت : { إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا } [ النساء :10 ] { يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل } [ النساء :29 ] ، قالت الأنصار : ما بالمدينة مال أعز من الطعام ، فكانوا لا يأكلون مع الأعمى ، لأنه لا يبصر موضع الطعام ، ولا مع الأعرج ، لأنه لا يطيق الزحام ، ولا مع المريض ، لأنه لا يطيق أن يأكل كما يأكل الصحيح ، وكان الرجل يدعو حميمه ، وذا قرابته ، وصديقه إلى طعامه ، فيقول : أطعم من هو أفقر إليه منى ، فإني أكره أن آكل أموال الناس بالباطل ، والطعام أفضل المال ، فأنزل الله عز وجل : { ليس على الأعمى حرج } { ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج } في الأكل معهم { ولا على أنفسكم } لأنهم يأكلون على حده { أن تأكلوا من بيوتكم أو بيوت آبائكم أو بيوت أمهاتكم أو بيوت إخوانكم أو بيوت أخواتكم أو بيوت أعمامكم أو بيوت عماتكم أو بيوت أخوالكم أو بيوت خالتكم أو ما ملكتم مفاتحه } يعنى خزائنه ، يعنى عبيدكم وإمائكم { أو صديقكم } نزلت في مالك بن زيد ، وكان صديقه الحارث بن عمرو ، وذلك أن الحارث خرج غازيا وخلف مالكا في أهله وماله وولده ، فلما رجع رأى مالكا مجهودا قال : ما أصابك ؟ قال : لم يكن عندي شيء ، ولم يحل لي أكل مالك ، ثم قال سبحانه : { ليس عليكم جناح أن تأكلوا جميعا أو أشتاتا } وذلك أنهم كانوا يأكلون على حدة ، ولا يأكلون جميعا ، يرون أن أكله ذنب ، يقول الله عز وجل : { تأكلوا جميعا أو أشتاتا } وكانت بنو ليث بن بكر لا يأكل الرجل منهم حتى يجد من يأكل معه ، أو يدركه الجهد ، فيأخذ عنزة له فيركزها ويلقي عليها ثوبا تحرجا أن يأكل وحده ، فلما جاء الإسلام فعلوا ذلك ، وكان المسلمون إذا سافروا اجتمع نفر منهم فجمعوا نفقاتهم وطعامهم في مكان ، فإن غاب رجل منهم لم يأكلوا حتى يرجع صاحبهم مخافة الإثم . فنزلت : { ليس عليكم جناج أن تأكلوا جميعا } إن كنتم جماعة { أو أشتاتا } يعنى متفرقين { فإذا دخلتم بيوتا } للمسلمين { فسلموا على أنفسكم } يعنى بعضكم على بعض ، يعنى أهل دينكم يقول : السلام { تحية من عند الله مباركة } يعنى من سلم أجر ، فهي البركة { طيبة } حسنة { كذلك يبين الله لكم الآيات } يعنى أمره في أمر الطعام والتسليم { لعلكم تعقلون } .