تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل  
{۞وَلَمَّا ضُرِبَ ٱبۡنُ مَرۡيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوۡمُكَ مِنۡهُ يَصِدُّونَ} (57)

قوله :{ ولما ضرب ابن مريم مثلا } ، والمثل حين زعموا أن الملائكة بنات الله ، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل المسجد ، وحول الكعبة ثلاثمائة وستون صنما ، وفي المسجد العاص بن وائل السهمي ، والحارث وعدي ابنا قيس ، كلهم من قريش ، من بني سهم ، فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم :{ إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون } [ الأنبياء :98 ] ، إلى آيتين ، ثم خرج إلى باب الصفا ، فخاض المشركون في ذلك ، فدخل عبد الله بن الزبعري السهمي ، فقال : تخوضون في ذكر الآلهة ، فذكروا له ما قال النبي صلى الله عليه وسلم لهم ولآلهتهم ، فقال عبد الله بن الزبعري : يا محمد ، أخاصة لنا ولآلهتنا ، أم لنا ولآلهتنا ولجميع الأمم وآلهتهم ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم :" بل هي لكم ولآلهتكم ولجميع الأمم ولآلهتهم" .

فقال عبد الله : خصمتك ورب الكعبة ، ألست تزعم أن عيسى ابن مريم نبي ، وتثنى عليه وعلى أمه خيرا ، وقد علمت أن النصارى يعبدونهما ، وعزيز يعبد ، والملائكة تعبد ، فإن كان هؤلاء في النار ، فقد رضينا أن نكون معهم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم :"لا" ، فقال عبد الله : أليس قد زعمت أنها لنا ولآلهتنا ولجميع الأمم وآلهتهم ؟ خصمتك ورب الكعبة ، فضجوا من ذلك ، فأنزل الله تعالى :{ إن الذين سبقت لهم منا الحسنى } ، يعني الملائكة ، وعزير ، وعيسى ، ومريم ، { أولئك عنها مبعدون } [ الأنبياء :101 ] ، وأنزل : { ولما ضرب ابن مريم مثلا } { إذا قومك منه يصدون } آية ، يعني يضجون تعجبا لذكر عيسى ، عليه السلام ، عبد الله بن الزبعري وأصحابه هم هؤلاء النفر .