الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{۞وَلَمَّا ضُرِبَ ٱبۡنُ مَرۡيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوۡمُكَ مِنۡهُ يَصِدُّونَ} (57)

{ وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً } في خلقه من غيرِ أَب . فشبه بآدم من غيرِ أَب ولا أُم .

{ إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ } ويقولون ما يريد محمد منا إلاّ أن نعبده ونتخذه إلهاً كما عبدت النصارى عيسى . قاله قتادة .

وقال ابن عباس : أَراد به مناظرة عبد الله بن الزبعري مع النبي صلى الله عليه وسلم وشأن عيسى ( عليه السلام ) ، وقد ذكرناها في الأنبياء ( عليهم السلام ) وأختلف القرّاء في قوله : { يَصِدُّونَ } فقرأ أهل المدينة والشام وجماعة من الكوفيين بضم الصاد ، وهي قراءة علي والنخعي ومعناه يعرضون ، ونظيره قوله :

{ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنكَ صُدُوداً } [ النساء : 61 ] .

وقرأ الباقون بكسر الصاد ، وهي اختيار أبي عبيد وأبي حاتم واختلفوا في معناه ، فقال الكسائي : هما لغتان مثل يعرشون ويعرشون ، ويعكفون ويعكفون ، ودرّت الشاة تدر وتدُرُ ، وشذ عليه يشذ ويشد ، ونمّ الحديث ينمه وينمُه ، وقال ابن عباس : معناه يضجون . سعيد بن المسيب : يصيحون ضحاك : يعجون . قتادة : يجزعون ويضحكون ، وقال القرظي : يضجرون .

وقال الفراء : حدثني أبو بكر بن عياش أنَّ عاصماً قرأ يصُدُون من قراءة أبي عبد الرحمن ، وقرأ يصدُون ، وفي حديث آخر إنّ ابن عباس لقي أخي عبيد بن عمير ، فقال : إنّ عمك لعربي ، فماله يلحن في قوله سبحانه تعالى : { إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ } ؟ .