تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل  
{وَمِنَ ٱلَّذِينَ قَالُوٓاْ إِنَّا نَصَٰرَىٰٓ أَخَذۡنَا مِيثَٰقَهُمۡ فَنَسُواْ حَظّٗا مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِۦ فَأَغۡرَيۡنَا بَيۡنَهُمُ ٱلۡعَدَاوَةَ وَٱلۡبَغۡضَآءَ إِلَىٰ يَوۡمِ ٱلۡقِيَٰمَةِۚ وَسَوۡفَ يُنَبِّئُهُمُ ٱللَّهُ بِمَا كَانُواْ يَصۡنَعُونَ} (14)

ثم ذكر أهل الإنجيل ، فقال سبحانه : { ومن الذين قالوا إنا نصارى } ، إنما سموا نصارى ، لأنهم كانوا من قرية يقال لها : ناصرة ، كان نزلها عيسى ابن مريم صلى الله عليه وسلم ، { أخذنا ميثاقهم } ، وذلك أن الله كان أخذ عليهم الميثاق في الإنجيل بالإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم ، كما أخذ على أهل التوراة أن يؤمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم ، ويتبعوه ويصدقوه وهو مكتوب عندهم في الإنجيل ، يقول الله تعالى : { فنسوا حظا مما ذكروا به } ، يعني فتركوا حظا مما أمروا به من إيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم ، والتصديق به ، ولو آمنوا لكان خيرا لهم ، وكان لهم حظا .

يقول الله عز وجل : { فأغرينا بينهم } ، يعني بين النصارى ، { العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة } النسطورية والماريعقوبية ، وعبادة الملك ، فهم أعداء بعضهم لبعض إلى يوم القيامة ، { وسوف ينبئهم الله } في الآخرة ، { بما كانوا يصنعون } ، يعني بما يقولون من الجحود والتكذيب ، وذلك أن النسطورية ، قالوا : إن عيسى ابن الله ، وقالت الماريعقوبية : إن الله هو المسيح ابن مريم ، وقالت عبادة الملك : إن الله عز وجل ثالث ثلاثة ، هو إله ، وعيسى إله ، ومريم إله ، افتراء على الله تبارك وتعالى ، وإنما الله إله واحد ، وعيسى عبد الله ونبيه صلى الله عليه وسلم ، كما وصف الله سبحانه نفسه : أحد ، صمد ، لم يلد ، ولم يولد ، ولم يكن له كفوا أحد .