تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل  
{وَقَالَتِ ٱلۡيَهُودُ وَٱلنَّصَٰرَىٰ نَحۡنُ أَبۡنَـٰٓؤُاْ ٱللَّهِ وَأَحِبَّـٰٓؤُهُۥۚ قُلۡ فَلِمَ يُعَذِّبُكُم بِذُنُوبِكُمۖ بَلۡ أَنتُم بَشَرٞ مِّمَّنۡ خَلَقَۚ يَغۡفِرُ لِمَن يَشَآءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَآءُۚ وَلِلَّهِ مُلۡكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَمَا بَيۡنَهُمَاۖ وَإِلَيۡهِ ٱلۡمَصِيرُ} (18)

{ وقالت اليهود } يهود المدينة ، منهم : كعب بن الأشرف ، ومالك بن الضيف ، وكعب بن أسيد ، وبحرى بن عمرو ، وشماس بن عمرو ، وغيرهم ، { والنصارى } من نصارى نجران السيد والعاقب ومن معهما ، قالوا جميعا : { نحن أبناء الله وأحباؤه } ، وافتخروا على المسلمين ، وقالوا : ما أحد من الناس أعظم عند الله منزلة منا ، فقال الله عز وجل لمحمد صلى الله عليه وسلم : { قل } للمسلمين يردوا عليهم ، { فلم يعذبكم بذنوبكم } ، حين زعمتم وقلتم : لن تمسنا النار إلا أياما معدودة ، يعني عدة ما عبدوا فيها العجل ، إن كنتم أبناء الله وأحباؤه ، أفتطيب نفس رجل أن يعذب ولده بالنار ؟ والله أرحم من جميع خلقه .

فقال الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم قل لهم : { بل أنتم بشر ممن خلق } من العباد ، ولستم بأبناء الله وأحبائه ، { يغفر لمن يشاء } ، يعني يتجاوز عمن يشاء فيهديه لدينه ، { ويعذب من يشاء } فيميته على الكفر ، ثم عظم الرب نفسه عز وجل عن قولهم : نحن أبناء الله وأحباؤه ، فقال سبحانه : { ولله ملك السماوات والأرض وما بينهما } من الخلق يحكم فيهما ما يشاءهم عبيده وفي ملكه ، { وإليه المصير } في الآخرة فيجزيكم بأعمالكم .