{ ثم قفينا } يعني اتبعنا { على آثرهم } من بعدهم يعني من بعد نوح وإبراهيم وذريتهما { برسلنا } في الأمم { وقفينا بعيسى ابن مريم } يقول : واتبعنا بعيسى ابن مريم { وآتيناه } يعني وأعطيناه { الإنجيل } في بطن أمه { وجعلنا في قلوب الذين اتبعوه } يعني اتبعوا عيسى { رأفة ورحمة } يعني المودة ، كقوله :{ رحماء بينهم } [ الفتح :29 ] ، يقول : متوادين بعضهم لبعض جعل الله ذلك في قلوب المؤمنين بعضهم لبعض .
ثم استأنف الكلام ، فقال :{ ورهبانية ابتدعوها } وذلك أنه لما كثر المشركون وهزموا المؤمنين وأذلوهم بعد عيسى ابن مريم ، واعتزلوا واتخذوا الصوامع فطال عليهم ذلك ، فرجع بعضهم عن دين عيسى ، عليه السلام ، وابتدعوا النصرانية ، فقال الله عز وجل :{ ورهبانية ابتدعوها } تبتلوا فيها للعبادة في التقديم { ما كتبناها عليهم } ولم نأمرهم بها { إلا ابتغاء رضوان الله فما رعوها حق رعايتها } يقول : لم يرعوا ما أمروا به يقول : فما أطاعوني فيها ، ولا أحسنوا حين تهودوا وتنصروا ، وأقام أناس منهم على دين عيسى ، عليه السلام ، حتى أدركوا محمدا صلى الله عليه وسلم فأمنوا به وهم أربعون رجلا اثنان وثلاثون رجلا من أرض الحبشة ، وثمانية من أرض الشام ، فهم الذين كنى الله عنهم ، فقال :{ فآتينا الذين آمنوا } يقول : أعطينا الذين آمنوا { منهم أجرهم } يعني صدقوا يعني جزاءهم وهو الجنة .
قال :{ وكثير منهم فاسقون } آية يعني الذين تهودوا ، وتنصروا فجعل الله تعالى لمن آمن بمحمد صلى الله عليه وسلم من أهل الإنجيل أجرهم مرتين بإيمانهم بالكتاب الأول ، وكتاب محمد صلى الله عليه وسلم ، فافتخروا على أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بذلك ، فقالوا : نحن أفضل منكم في الأجر لنا أجران بإيماننا بالكتاب الأول ، والكتاب الآخر الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم فشق على المسلمين ، فقالوا : ما بالنا قد هاجرنا مع النبي صلى الله عليه وسلم وآمنا به قبلكم ، وغزونا معه ، وأنتم لم تغزو ، فأنزل الله تعالى :{ يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله }
قوله :{ ما كتبناها عليهم } [ الحديد :28 ] يقول : ما أمرناهم بها ، كقوله :{ ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم } [ المائدة :21 ] يعني التي أمركم الله تعالى . حدثنا عبد الله ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثنا الهذيل ، عن المسيب ، عن أبي روق في قوله :{ فما رعوها حق رعايتها } يقول : ما وحدوني فيها .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.