وقوله تعالى : ( وَجَاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ ) قال بعضهم : يسرعون إليه ، وقال بعضهم : ( يهرعون إليه ) أي يهرولون إليه ، وهو سير بين السعي وبين المشي ، بين بينين . وقال بعضهم : ( يهرعون إليه ) أي يهرولون إليه ، أي يروعون إليه ؛ من الروع أي فزعين إليه ، والله أعلم .
وقوله تعالى : ( وَمِنْ قَبْلُ كَانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ ) هذا يحتمل وجهين :
[ أحدهما : يحتمل ][ في الأصل وم : قوله ] من قبل أن يبعث لوط رسولا إليهم كانوا يعملون السيئات .
والثاني[ في الأصل وم : و ] : يحتمل من قبل نزول الأضياف بلوط كانوا يعملون السيئات . والسيئات تحتمل الشرك وغيره من الفواحش التي يرتكبونها ، والله أعلم .
وقوله تعالى : ( قَالَ يَا قَوْمِ هَؤُلاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ ) اختلف في قوله : ( بناتي هن أطهر لكم ) قال بعضهم : أراد بنات قومه لأن الرسل هم كالآباء لأولاد قومهم ؛ ينسبون إليهم . ألا ترى إلى قوله : ( النبيء أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم ) ؟ [ الأحزاب : 6 ] وفي حرف ابن مسعود رضي الله عنه وهو أب لهم مما أزواجه أمهاتهم ، والنبيء أب[ في الأصل وم : أبا ] لهم . فعلى ذلك يحتمل قول لوط : ( هؤلاء بناتي ) أراد بنات قومه ، فنسبهن إلى نفسه لما ذكرنا أنه كالأب لهم .
ثم يحتمل معنى جعل النبي أولاد[ في الأصل وم : لأولاد ] قومه كالأب وأزواجه كالأمهات[ في الأصل وم : كالأم ] وجهين :
أحدهما : نسبوا إليه للشفقة ؛ فهو أشفق بهم من الأب والأم .
والثاني[ في الأصل وم : أو ] : لحق التربية وتعليم الدين كالأب لهم ، فهو أولى بهم من أنفسهم لهذين الوجهين .
وقال بعضهم : أراد بنات نفسه . ثم اختلف فيه : قال بعضهم : كان ذلك منه تعويضا[ في الأصل وم : تعريض ] لهم للنكاح بقوله : ( هؤلاء بناتي هن أطهر لكم ) نكاحا إن كنتم مائلين للإيمان .
ومنهم من قال : هو تعويض منه لما هو زنى عندهم ، لا أنه عرض ذلك عند نفسه .
وهكذا كما يقولون : إن من أكره أن يشتم محمد صلى الله عليه وسلم فلا بأس بأن يشتم ، ويقصد بشتمه محمدا آخر ، يحل له شتمه ، وإن كان عند المكره أنه يشتم رسول الله بعد أن أخطر الشاتم في قلبه غيره .
وكذلك إن أكره أن يشتم الإله ، يقصد[ في الأصل وم : فيقصد ] بالشتم شتم آلهتهم ، وإن كان عندهم أنه إنما يشتم إلهه الذي يعبده .
فعلى ذلك يحتمل قول لوط : ( هن أطهر لكم ) تعريض زنى عندهم ، وإن كان عنده أنه ليس لذلك يقصد .
وقال قائلون : قال هذا ليريهم قبح الفعل الذي كانوا يقصدون لأضيافه لأن الزنا كان عندهم محرما[ في الأصل وم : محرم ] فعرض عليهم بناته ليعرفوا قبح ذلك الفعل حين[ في الأصل وم : حيث ] احتمل قلبه في بناته ولم يحتمله[ في الأصل وم : يحتمل ] في أضيافه ليمتنعوا عن ذلك .
أو يحتمل أن يكون قال ذلك ، وإن كان كلاهما لا يحلان ، لكن أحدهما أيسر وأهون ، ويجوز الجمع بين شرين فيقال : هذا أطهر وأحل من هذا ، وهذا أيسر من هذا وأهون ، وإن كان كلاهما شرين . فالزنى ، وإن كان حراما فذلك مما يحل ، وأدبار الرجال لا تحل بحال .
وقال بعضهم : إنهم كانوا يخطبون بناته ، وكان أبى أن يزوجهن منهم لما لم يكونوا أكفاء[ في الأصل وم : كفوا ] لهن ، ثم عرض عليهم [ ذلك ][ ساقطة من الأصل وم ] في ذلك الوقت ليعلموا قبح ذلك الفعل الذي قصدوا بأضيافه ، أو كلاما[ في الأصل وم : كلام ] نحو هذا ، والله أعلم .
وقوله تعالى : ( فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلا تُخْزُونِي فِي ضَيْفِي ) وقال في موضع آخر : ( فلا تفضحون )[ الحجر : 68 ] ليعلم أن الإخزاء هو الفضيحة . هذا يدل أن الخزي هو الذي يفضح من نزل به .
وقوله تعالى : ( أليس منكم رجل رشيد ) قال بعضهم : هو أن يزوج بعض بناته من يصدر لرأيه ، فيمنع عنه ؛ كأنه يقول : أليس منكم من يرشد ؟ ويصدروا لرأيه ؟
وقوله تعالى : ( أليس منكم رجل رشيد ) أي ليس منكم رجل يقبل الموعظة ؟ ويرشدكم ؛ ويعظكم ؟ أو يقول ( أليس منكم رجل رشيد ) على النفي فيمنعهم عما يريدون ويقصدون .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.