{ وجاءه قومه } أي الذين فيهم قوة المحاولة { يهرعون } أي كأنهم يحملهم على ذلك حامل لا يستطيعون دفعه { إليه } أي في غاية الإسراع فعل الطامع الخائف فوت ما يطلبه ، فهو يضطرب{[39801]} لذلك ، أو لأجل الرعب من لوط عليه السلام أو من الملائكة عليهم السلام .
ولما كان وجدانهم - فكيف عصيانهم - لم يستغرق زمن القبل ، أدخل{[39802]} الجار فقال : { ومن قبل } أي قبل هذا المجيء { كانوا } أي جبلة وطبعاً { يعملون } أي مع الاستمرار { السيئات } أي الفواحش التي تسوء غاية المساءة فضربوا{[39803]} بها ومرنوا عليها حتى زال عندهم استقباحها ، فهو يعرف ما يريدون ، وكأنهم كانوا لا يدعون مليحاً{[39804]} ولا غيره من الغرباء ، فلذلك لم يذكر أن الرسل عليهم السلام كانوا على هيئة{[39805]} المرد الحسان ، ولا قيد الذكران في قصتهم في موضع من المواضع بالمرودية{[39806]} . فكأنه قيل : فما قال لهم ؟ فقيل{[39807]} : { قال يا قوم } مستعطفاً لهم { هؤلاء بناتي } حادياً لهم إلى الحياء والكرم .
ولما كان كأنه قيل : ما نفعل بهن ؟ قال : { هن } ولما كان في مقام المدافعة{[39808]} باللين ، قال إرخاء للعنان في تسليم طهارة ما يفعلونه على زعمهم مشيراً بلطافة إلى خبث ما يريدونه : { أطهر لكم } وليس المراد من هذا حقيقته ، بل تنبيه القوم على أنهم لا يصلون إليهم إلا إن وصلوا إلى بناته لأن الخزي فيهما{[39809]} على حد سواء أو{[39810]} في الضيف أعظم ، ومثل هذا أن يشفع الإنسان فيمن يضرب ، فإذا عظم الأمر ألقى{[39811]} نفسه عليه فصورته أنه فعله ليقيه الضرب بنفسه ، ومعناه احترامه باحترامه ، وعلى هذا يدل قوله في الآية الأخرى { إن كنتم فاعلين } وهنا قوله : { فاتقوا الله } أي الملك الأعظم في هذا الأمر الذي تريدونه { ولا تخزون } أي توقعوا بي الفضيحة التي فيها الذل والهوان{[39812]} والعار { في ضيفي } إذ لا يشك ذو مسكة من أمره في أن التقوى إذا حصلت منعت من الأمرين ، وأن الخزي على تقدير عدمها في البنات أعظم لأنه عار لازم للزوم البنات للأب ، وكل هذا دليل على أنه لا يشك أنهم آدميون ولم يلم بخاطره أنهم ملائكة ، فهو تنبيه للكفار على أنه لا ينتفع بإنزال الملائكة إلا البار الراشد التابع للحق ؛ ثم أنكر أشد الإنكار حالهم في أنهم لا يكون منهم رشيد حثاً على الإقلاع عن الغي ولزوم سبيل الرشد{[39813]} فقال : { أليس منكم رجل } أي كامل الرجولية { رشيد* } كامل الرشد{[39814]} ليكفكم عن هذا القبيح{[39815]} ،
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.