{ وَجَاءهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ } أي : جاءوا لوطاً . الجملة في محل نصب على الحال . ومعنى يهرعون إليه : يسرعون إليه . قال الكسائي ، والفراء ، وغيرهما من أهل اللغة : لا يكون الإهراع إلا إسراعاً مع رعدة ، يقال : أهرع الرجل إهراعاً : أي أسرع في رعدة من برد أو غضب أو حمى ، قال مهلهل :
فجاؤوا يهرعون وهم أسارى *** نهودهم على رغم الأنوف
وقيل : يهرعون : يهرولون . وقيل : هو مشي بين الهرولة والعدو ، والمعنى : أن قوم لوط لما بلغهم مجيء الملائكة في تلك الصورة أسرعوا إليه ، كأنما يدفعون دفعاً لطلب الفاحشة من أضيافه { وَمِن قَبْلُ كَانُوا يَعْمَلُونَ السيئات } أي : ومن قبل مجيء الرسل في هذا الوقت ، كانوا يعملون السيئات . وقيل : ومن قبل لوط كانوا يعملون السيئات ، أي : كانت عادتهم إتيان الرجال ، فلما جاءوا إلى لوط ، وقصدوا أضيافه لذلك العمل ، قام إليهم لوط مدافعاً { وَقَالَ يا قَوْم هَؤُلاء بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ } أي : تزوّجوهنّ ، ودعوا ما تطلبونه من الفاحشة بأضيافي ، وقد كان له ثلاث بنات . وقيل : اثنتان ، وكانوا يطلبون منه أن يزوجهم بهنّ ، فيمتنع لخبثهم ، وكان لهم سيدان مطاعان ، فأراد أن يزوجهما بنتيه . وقيل : أراد بقوله : { هؤلاء بَنَاتِي } النساء جملة ، لأن نبيّ القوم أب لهم ، وقالت طائفة : إنما كان هذا القول منه على طريق المدافعة ، ولم يرد الحقيقة . ومعنى : { هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ } أي : أحلّ وأنزه .
والتطهر : التنزه عما لا يحلّ ، وليس في صيغة أطهر دلالة على التفضيل ، بل هي مثل «الله أكبر » . وقرأ الحسن ، وعيسى بن عمر بنصب أطهر ، وقرأ الباقون بالرفع ؛ ووجه النصب أن يكون اسم الإشارة مبتدأ ، وخبره بناتي ، وهنّ ضمير فصل ، وأطهر حال . وقد منع الخليل ، وسيبويه ، والأخفش مثل هذا ، لأن ضمير الفصل الذي يسمى عماداً إنما يكون بين كلامين بحيث لا يتمّ الكلام إلا بما بعدها ، نحو كان زيد هو أخاك { فَاتَّقُواْ اللَّهَ وَلاَ تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي } أي : اتقوا الله بترك ما تريدون من الفاحشة بهم ، ولا تذلوني وتجلبوا عليّ العار في ضيفي ، والضيف يطلق على الواحد والاثنين والجماعة ، لأنه في الأصل مصدر ، ومنه قول الشاعر :
لا تعدمي الدهر شفار الجازر *** للضيف والضيف أحق زائر
ويجوز فيه التثنية والجمع ، والأوّل : أكثر . يقال : خزي الرجل خزاية ، أي استحيا أو ذلّ أو هان ، وخزي خزياً : إذا افتضح ، ومعنى في ضيفي : في حق ضيفي ، فخزي الضيف : خزي للمضيف ، ثم وبخهم فقال : { أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُل رشِيد } يرشدكم إلى ترك هذا العمل القبيح ، ويمنعكم منه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.