بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{وَجَآءَهُۥ قَوۡمُهُۥ يُهۡرَعُونَ إِلَيۡهِ وَمِن قَبۡلُ كَانُواْ يَعۡمَلُونَ ٱلسَّيِّـَٔاتِۚ قَالَ يَٰقَوۡمِ هَـٰٓؤُلَآءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطۡهَرُ لَكُمۡۖ فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَلَا تُخۡزُونِ فِي ضَيۡفِيٓۖ أَلَيۡسَ مِنكُمۡ رَجُلٞ رَّشِيدٞ} (78)

ثم قال لامرأته : ويحك ، قومي واخبزي ، ولا تعلمي أحداً . وكانت امرأته كافرة منافقة ، فانطلقت تطلب بعض حاجاتها ، وجعلت لا تدخل على أحد إلا أعلمته ، وتقول : إن عندنا قوماً من هيئتهم كذا وكذا . فلما علموا بذلك ، جاؤوا إلى باب لوط . فذلك قوله تعالى : { وَجَاءهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ } يعني : يسرعون إليه ، وهو مشي بين المشيتين ، ويقال : يدفعون إليه دفعاً ، ويقال يشتدون إليه شداً ، { وَمِن قَبْلُ كَانُواْ يَعْمَلُونَ السيئات } يعني : من قبل أن يبعث إليهم لوط ، ويقال : من قبل إتيان الرسل ، كانوا يعملون الفواحش ، وهي اللواطة والكفر ، فلما أرادوا الدخول ، { قَالَ } لهم لوط : { قَالَ ياقوم هَؤُلاء بَنَاتِى هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ } يعني : أحل لكم من ذلك ، وكان لوط يناظرهم ، ويقول : هن أطهر لكم ، وكان جبريل مع أحد عشر من الملائكة ، وكسروا الباب ، فضرب أعينهم .

قال الضحاك : { هؤلاءآء بَنَاتِى } عرض عليهم بنات قومه . وقال قتادة : أمرهم لوط أن يتزوجوا النساء ، وقال : هن أطهر لكم ، ولم يعرض عليهم بناته . وروى سفيان عن ليث ، عن مجاهد ، قال : لم يكنَّ بناته ، ولكن كُنَّ من أمته ، وكل نبي هو أب أمته . وروي عن ابن مسعود ، أنه كان يقرأ : { النبى أولى بالمؤمنين مِنْ أَنْفُسِهِمْ وأزواجه أمهاتهم وَأُوْلُو الارحام بَعْضُهُمْ أولى بِبَعْضٍ فِى كتاب الله مِنَ المؤمنين والمهاجرين إِلاَّ أَن تفعلوا إلى أَوْلِيَآئِكُمْ مَّعْرُوفاً كَانَ ذَلِكَ فِى الكتاب مَسْطُوراً } [ الأحزاب : 6 ] وهو أب لهم ، وهي قراءة أبي بن كعب . وهكذا قال سعيد بن جبير : إنه أراد بنات أمته .

ويقال : إن رؤساءهم كانوا خطبوا بناته ، وكان يأبى ، فقال لهم : إني أزوجكم بناتي ، هنّ أطهر لكم من الحرام ، وكان النكاح بين الكافر والمسلم جائزاً { فَاتَّقُواْ اللَّهَ وَلاَ تُخْزُونِ فِى ضَيْفِى } يقول : لا تفضحوني في أضيافي { أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَّشِيدٌ } يعني : مرشداً صالحاً يزجركم عن هذا الأمر . ويقال : رجل عاقل ، ويقال : رجل على الحق يستحي مني .