غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{فَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَيۡهِ قَالُواْ يَـٰٓأَيُّهَا ٱلۡعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهۡلَنَا ٱلضُّرُّ وَجِئۡنَا بِبِضَٰعَةٖ مُّزۡجَىٰةٖ فَأَوۡفِ لَنَا ٱلۡكَيۡلَ وَتَصَدَّقۡ عَلَيۡنَآۖ إِنَّ ٱللَّهَ يَجۡزِي ٱلۡمُتَصَدِّقِينَ} (88)

84

ثم ههنا إضمار والتقدير فقبلوا وصية أبيهم وعادوا إلى مصر { فلما دخلوا عليه قالوا يا أيها العزيز } أي الملك القادر المنيع { مسنا وأهلنا الضر } الفقر والحاجة إلى الطعام وعنوا بأهلهم من خلفهم { وجئنا ببضاعة مزجاة } مدفوعة يدفعها كل تاجر رغبة عنها من أزجيته إذا دفعته قال سبحانه { ألم تر أن الله يزجي سحاباً } [ النور : 43 ] ومنه قوله : " فلان يزجي العيش " أي يدفع الزمان بالقليل . قال الكلبي . هي من لغة العجم .

وقيل : لغة القبط . والأصح أنها عربية لوضوح اشتقاقها . قيل : كانت بضاعتهم الصوف والسمن . وقيل : الصنوبر والحبة الخضراء . وقيل : سويق المقل والأقط . وقيل : دراهم زيوفاً لا تؤخذ إلا بنقص لأنها لم يكن عليها صورة يوسف وكانت دراهم مصر ينقش عليها صورته . { فأوف لنا الكيل } الذي هو حقنا . { وتصدق علينا } واعلم أنهم طلبوا المسامحة بما بين الثمنين وأن يسعر لهم بالرديء كما يسعر بالجيد . واختلف العلماء في أنه هل كان ذلك منهم طلب الصدقة ؟ فقال سفيان بن عيينة : إن الصدقة كانت حلالاً على الأنبياء سوى محمد صلى الله عليه وسلم . وقال آخرون : أرادوا بالصدقة التفضل بالإغماض عن رداءة البضاعة وبإيفاء الكيل والصدقات محظورة على الأنبياء كلهم . وقوله : { إن الله يجزي المتصدقين } يمكن تنزيله على القولين لأن كل إحسان يبتغى به وجه الله فإن ذلك لا يضيع عنده والصدقة العطية التي ترجى بها المثوبة عند الله ومن ثم لم يجوز العلماء أن يقال : الله تعالى متصدق أو اللَّهم تصدق علي بل يجب أن يقال : اللَّهم أعطني أو تفضل علي أو ارحمني .

كان يعقوب أمرهم بالتحسس من يوسف وأخيه والمتحسس يجب عليه أن يتوسل إلى مطلوبه بجميع الطرق كما قيل : الغريق يتعلق بكل شيء . فبدأوا بالعجز والاعتراف بضيق اليد وإظهار الفاقة فرقق الله تعالى قلبه وارفضت عيناه فعند ذلك قال : { هل علمتم ما فعلتم بيوسف } .

/خ102