تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{فَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَيۡهِ قَالُواْ يَـٰٓأَيُّهَا ٱلۡعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهۡلَنَا ٱلضُّرُّ وَجِئۡنَا بِبِضَٰعَةٖ مُّزۡجَىٰةٖ فَأَوۡفِ لَنَا ٱلۡكَيۡلَ وَتَصَدَّقۡ عَلَيۡنَآۖ إِنَّ ٱللَّهَ يَجۡزِي ٱلۡمُتَصَدِّقِينَ} (88)

وقوله تعالى : ( فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ ) أي على يوسف ( قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ ) سموه عزيزا لما لعلهم يسمون كل ملك عزيزا ، أو سموه عزيزا لما كان عند الملك[ في الأصل وم : ذلك ] عزيزا بقوله : ( أكرمي مثواه )[ الآية : 21 ] أو[ في الأصل وم : و ] لما كان للناس إليه حاجة بالطعام الذي في يده ، وهو كان غنيا عما في أيديهم ، والله أعلم .

وقولهم : ( مسنا وأهلنا الضر ) قال أهل التأويل : أصابنا الشدة والبلاء والجوع ( وجئنا ببضاعة مزجاة ) قيل : دراهم نفاية مبهرج ، لا تنفق في الطعام ، كاسدة ، لأنه كان في عزة ، وتنفق في غيره .

وقال أبو عوسجة ( وجئنا ببضاعة مزجاة ) أي قليلة ، وكذلك قال القتبي : أي قليلة . وقال ابن عباس رضي الله عنه هي الورق الرديئة ، لا تنفق حتى توضع . وقال أبو عبيدة : الإزجاء في كلام العرب الدفع والسوق ، وهو كقوله : ( ألم تر أن الله يزجي سحابا )[ النور : 43 ] أي يسوق ، ويدفع .

وقال بعضهم : جاؤوا بسمن وصوف ، وقيل جاؤوا بصنوبر وحب[ في الأصل وم : وحبة ] الخضراء ، أو أمثال هذا . ويشبه أن يكون [ قولهم ][ ساقطة من الأصل وم ] . ( مزجاة ) كما يقول : تزجى يوما بيوم .

وقوله تعالى : ( فأوف لنا الكيل ) قال بعضهم : أوف لنا الكيل بسعر الجياد ، وتأخذ النفاية ، وتكيل لنا الطعام بسعر الجياد . ولكن قوله : ( فأوف لنا الكيل ) أي سلم لنا الكيل تام الإيفاء هو التسليم على الوفاء كقوله : ( وأوفوا الكيل والميزان )[ الأنعام : 152 ] .

[ وقوله تعالى ][ ساقطة من الأصل وم ] : ( تصدق علينا ) بفضل ما بين الثمنين في الوزن ، وقيل : ما بين الكيلين .

وقال بعضهم : ( وتصدق علينا ) أي رد لنا شيئا ، يكون ذلك صدقة لنا منك . لكن يشبه على ما قالوا ، وطلبوا منهن الصدقة حظ الثمن ، لأن الصدقة لا تحل للأنبياء ، ويجوز الحط لأولادهم[ في الأصل وم : لهم ] ، ويجوز حط من لا يجوز صدقته نحو العبد المأذون له في التجارة ؛ يجوز حطه ، ولا تجوز صدقته . وكذلك نبي الله كان يجوز الشراء له[ أدرجت في م قبل : الشراء ] بدون ثمنه ، ولا تحل له الصدقة .

ويحتمل قوله تعالى ( مسنا وأهلنا الضر ) بذهاب بصر أبيهم ، مسهم بذلك وأهلهم الضر ، وقوله تعالى : ( وتصدق علينا ) أي رد علينا بنيامين لعل الله يرد بصره عليه ( إن الله يجزي المتصدقين ) [ قال أهل التأويل : إن كانوا على دين الإسلام ، فكأنهم ظنوا أنه ليس على دين الإسلام ][ من م ، في الأصل : إن كانوا على دين الإسلام ] ولو أنهم ظنوا أنه[ من م ، في الأصل : أنهم ] مسلم لقالوا : إن الله يجزيك بالصدقة .