{ فلما دخلوا عليه } أي على يوسف عليه السلام والتقدير فذهبوا كما أمرهم أبوهم إلى مصر ليتحسسوا من يوسف عليه السلام وأخيه فلما دخلوا على يوسف عليه السلام ، { قالوا يا أيها العزيز } أي الملك الممتنع القادر ، وكان العزيز لقب ملك مصر يومئذ { مسنا وأهلنا الضر } أي الجوع والحاجة .
قال قتادة : الضر في المعيشة وعدلوا إلى الشكوى لأن المتحسس يتوصل إلى مطلوبه بجميع الطرق ، والاعتراف بالعجز وضيق اليد وشدة الحاجة مما يرقق القلب فقالوا نختبره بهذه الأمور فإن رق قلبه لنا ذكرنا المقصود وإلا شكونا . وفيه دليل على أنه يجوز الشكوى عند الضرورة إذا خاف من إصابته على نفسه ، كما يجوز للعليل أن يشكو إلى الطبيب ما يجده من العلة .
وعبارة أبي السعود وإنما لم يبدءوا بما أمروا به استجلابا للرأفة والشفقة ليبعثوا بما قدموا من رقة الحال رقة القلب والحنو انتهى وهذه المرة التي دخلوا فيها مصر هي المرة الثالثة كما يفيده ما تقدم من سياق الكتاب العزيز .
{ وجئنا ببضاعة مزجاة } البضاعة هي القطعة من المال يقصد بها شراء شيء يقال أبضعت الشيء واستبضعته إذا جعلته بضاعة ، وفي المثل كمستبضع التمر إلى هجر والإزجاء السوق بدفع .
وقال الواحدي الإزجاء في اللغة السوق والدفع قليلا قليلا ، ومنه قوله تعالى { ألم تر أن الله يزجي سحابا } والمعنى أنها بضاعة تدفع ولا يقبلها التجار .
قال ثعلب : البضاعة المزجاة الناقصة غير التامة قال أبو عبيد : إنما قيل للدراهم الرديئة مزجاة لأنها مردودة مدفوعة غير مقبولة .
قال ابن عباس : دراهم مزجاة أي كاسدة وعنه أيضا مزجاة رثة المتاع خلقة الحبل والغرارة والشيء ، وأيضا الورق الزيوف التي لا تنفق حتى يوضع منها .
وفي القاموس زجاه ساقه ودفعه ومزجاة قليلة أو لا يتم صلاحها وفي المصباح زجيته بالتثقيل دفعته برفق .
واختلف في هذه البضاعة ما هي : فقيل أكانت قديدا وحيسا ، وقيل صوف وسمن ، وقيل الحبة الخضراء والصنوبر ، وقيل دراهم رديئة زيوف وقيل النعال والأدم ، ثم طلبوا منه بعد أن أخبروه بالبضاعة التي معهم أن يوفي لهم الكيل أي يجعله تاما لا نقص فيه وأن يتصدق عليهم فقالوا : { فأوف لنا الكيل وتصدق علينا } إما بزيادة لهم على ما يقابل بضاعتهم أو بالإغماض عن رداءة البضاعة التي جاءوا بها وأن يجعلها كالبضاعة الجيدة في إيفاء الكيل لهم بها ، وبهذا قال المفسرون ، وقد قيل كيف يطلبون التصدق عليهم وهم أنبياء والصدقة محرمة عليهم وأجيب باختصاص ذلك بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم .
وقال ابن جريج : معنى قولهم أردد علينا أخانا . وبه قال الضحاك . وقال ابن الأنباري وكان الذي يسألونه من المسامحة يشبه الصدقة لا نفس الصدقة .
{ إن الله يجزي المتصدقين } بما يجعله لهم من الثواب الأخروي أو التوسيع عليهم في الدنيا قال الضحاك : ولم يقولوا أن الله يجزيك لأنهم لم يعلموا أنه مؤمن .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.