ولما جمع الله تعالى أهل الكتابين في الآية المتقدمة ، فصل بينهما وبين قول كل فريق في حق الآخر ، والظاهر حمل لفظي اليهود والنصارى على العموم وإن كان السبب خاصاً لأن هذا اعتقاد كل واحد من كل من الطائفتين في حق الأخرى . روي أن وفد نجران لما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاهم أحبار اليهود فتناظروا حتى ارتفعت أصواتهم فقالت اليهود : ما أنتم على شيء من الدين وكفروا بعيسى والإنجيل . وقالت النصارى لهم نحوه ، وكفروا بموسى والتوراة . ومعنى { على شيء } أي شيء يصح ويعتد به ، وفيه مبالغة عظيمة كقول العرب " أقل من لا شيء " عن ابن عباس : والله صدقوا . قلت : وذلك أن الإيمان بالله إنما يعتد به إذا كان مؤمناً برسوله وبكل ما أنزله { وهم يتلون الكتاب } الواو للحال والكتاب للجنس أي قالوا ذلك وحالهم أنهم من أهل العلم والتلاوة للكتب ، وحق من حمل التوراة والإنجيل وغيرهما من كتب الله أن يؤمن بالباقي ولا يكفر به ، لأن جميع الكتب السماوية متواردة في تصديق بعضها بعضاً { كذلك } الكاف للتشبيه و{ ذلك } إشارة إلى المذكور أي قولاً مثل الذي سمعت به { قال الذين لا يعلمون } و{ مثل قولهم } مكرر للتأكيد ولطول الكلام بالموصول والصلة . والمراد بالذين لا يعلمون الجهلة الذين لا علم عندهم ولا كتاب كعبدة الأصنام القائلين إن المسلمين ليسوا على شيء وفيه توبيخ عظيم لهم حيث نظموا أنفسهم مع علمهم في سلك من لا يعلم فقالوا قولاً عن التشهي والعصبية مثلهم { فالله يحكم بينهم } أي بين اليهود والنصارى يوم القيامة . عن الحسن : يكذبهم جميعاً ويدخلهم النار ويجوز أن يرجع الضمير إلى الكافرين الذين يعلمون والذين لا يعلمون وإلى المسلمين ، ويحكم بين المحق والمبطل فيما اختلفوا فيه ، فينتصر من الظالم المكذب للمظلوم المكذب ، أو يريهم من يدخل الجنة عياناً ويدخل النار عياناً أعاذنا الله تعالى منها .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.